وصف الكتاب:
محمد الماغوط .. «البدوي الأحمر» الذي كان يكتب بـ «المطرقة» الدستور ـ طلعت شناعة عندما رحل الشاعر محمد الماغوط تساءل النقاد في الوسط الفني: من يكتب للفنان دريد لحام؟.. ومنهم من تجرأ وأعلن نهاية «فن» دريد لحام. وهو ما زاد في يقين معظم الناس من محبي الماغوط ولحام عندما توقف صاحب شخصية «غوّار الطوشة» عن التمثيل المسرحي بما يشبه الاعتزال. حتى عاد منذ ايام وقدم مسرحية «السقوط» والتي كانت ستعرض في عمّان وتأجل عرضها الى إشعار آخر. محمد الماغوط الذي رحل في الرابع من نيسان عام 2006، لم يكن كاتبا مسرحيا فحسب بل كان شاعرا ومؤسسا مع آخرين لما يُعرف بقصيدة النثر وأصدر العديد من الدواوين الشعرية التي تؤكد موهبته وتجربته وريادته في هذا المجال. لكن شهرته ـ العامة ـ جاءت من خلال أعمال الفنان دريد لحّام وتحديدا ثلاثية « ضيعة تشرين» و»غربة» و»كاسك يا وطن» التي شكلت بعضا من وجدان جيل من الشباب العربي بعد سلسلة الهزائم التي تعرض لها العالم العربي. كما أنها ـ المسرحيات ـ قدمت لنا نخبة من النجوم الذين انتقلوا وتألقوا في الدراما السورية والعربية مثل الفنان ياسر العظمة وصباح جزائري وسلمى المصري وغيرهم من النجوم والنجمات. وكان يقال أن الشاعر محمد الماغوط يكتب بـ «المطرقة» لقسوة كتاباته وانتقاده للواقع. وذات يوم رد على سؤال عن الفن في مصر فقال بكل حدة: لا يوجد في مصر الا سعاد حسني. وهو ما اعتبر «إساءة» للفنانين الآخرين. ويكفي ان نذكر عنوان أبرز كتبه والذي اختار له « سأخون وطني» للدلالة على ما يختزنه الشاعر من قهر في داخله. كان محمد الماغوط في أيامه الأخيرة يجلس في فندق « الشام». وأغنى الماغوط الساحة الفنية في سوريا بعدد كبير من المسرحيات والمسلسلات والأفلام السينمائية النقدية وخصوصا فيلمي «الحدود» و»التقرير» مع الفنان دريد لحام. ويعبر الماغوط أحد رواد الشعر النثري في الوطن العربي وله العديد من المؤلفات الشعرية وأهمها «حزن في ضوء القمر» و»غرفة بملايين الجدران». و « البدوي الأحمر». ومن أهم مؤلفاته المسرحية الناقدة «ضيعة تشرين» و»شقائق النعمان» و»الأرجوحة» و»غربة» و»كاسك يا وطن» و»خارج السرب». ومن أهم المسلسلات التلفزيونية التي ألفها «حكايا الليل» و»وين الغلط» و»وادي المسك». وقد ولد الماغوط عام 1934 في السلمية التابعة لمحافظة حماه شمال العاصمة دمشق, ودرس في كلية الزراعة وانسحب منها رغم تفوقه، مؤكدا أن اختصاصه هو «الحشرات البشرية وليس الحشرات الزراعية» ثم انتقل إلى دمشق عام 1948. البدوي الأحمر عند رحيله كتب محمود درويش رثاء بليغ في ذلك الغياب: (رحل الماغوط، ونقص الشعر. لكنه لم يأخذ شعره معه كما فعل الكثيرون من مجايليه الذين صانوا سلطتهم الشعرية في حياتهم بحرّاس النقد والأحزاب. فهذا الوحيد الخالي من أية حراسة نظرية وتنظيم إعلامي، لم يراهن الا على شعريته وحريته، وعلى قارئه المجهول الذي وجد في قصيدته صدى صوته وملامح صورته، بعدما أقامت كلماته المكتوبة بالجمر جسر اللقاء بين الذات والموضوع، وبين الذات وما تزدحم به من آخرين. وهو، هو الذي جاء من الهامش واختار هامش الصعلوك، كان نجماً دون أن يدري ويريد. فالنجومية هي ما يحيط بالاسم من فضائح. وشعره هو فضيحتنا العامة، فضيحة الزمن العربي الذي يهرب منه الحاضر كحفنة رمل في قبضة يد ترتجف خوفاً من الحاكم ومن التاريخ. حاضر يقضمه ماض لا يمضي وغد لا يصل. كم أخشى القول ان الزمن الذي هجاه الماغوط ربما كان أفضل من الزمن الذي ودّعه. )