وصف الكتاب:
الامام الصادق هو النور السادس من الائمة الطاهرين. فمن تتبع سيرة الصادق تنكشف أمامه كلية النور الإمامي فتأخذه بجائرتها لتمام الكشوف العلمية والدينية والمعارف والفلسفة والحكمة، وذلك أن الزمن انبسط واتسع للإمام ففجر المولى ينابيع الفقه والعلم وفتّق العقول وجرت أنهارها مشرعة للواردين وريّة للصادين حتى تبلبلت الألسن فترجم عن مكنوناتها، ولما استعت بالمقابلة التحركات الضدية ونشطت سياسة الحكام الاستبداية، التي تهزها حضور الغمامة لأنها تحمل الكمال الذي تطلبه النفوس، برّزت جواهر الأنداد لتحتل مركزية الإمامة، وهذا يستدعي إيجاد منافسين ليزاحموا نور الولاية، ونشت فرق الكلام والمذاهب الدينية وتعددت الاتجاهات الفكرية، والسياسة الخائفة على السلطة تغذي العداء المستبطن الحسد ونكر الإمامة، فكانت هذه المدارس والمذاهب تشرع بما تقتضيه المصالح وتستحسنه الآراء قياساً ولتقديس الحكام وتبرير أفعالهم وتغطية لأسوائهم، أما الإمام الصادق بسلسلته الذهبية المرفوعة إلى الوحي كان ينطق ويشرع ويقضي ويؤصل العقائد والسنة؛ التي لها دور كبير على المسار الأصولي والفقهي ونظام الحكم. ولأن فهم أصول الدين بحقيقته يتوقف عليه كيفية التشريع وقواعد أصول الفقه والحكم، وهذا الاتجاه هو الذي يركز الفطرة ويصقلها، أما الاتجاه المقابل هو أصدأ الفطرة فغلبت عليه العلوم الظنية والأقيسة النفسية التي تؤخذ من الوضع والمصلحة السياسية والفرضية. وعلى هذا المذهب والدعم السلطوي والمنفعي أُفْتُهِمَ خطأ معنى الإمامة الطاهرة وصارت مخالفتها عندهم عادية ولا مبالات بحجتها وبهذا تعطل نصف الرسالة، وجهل حق الإمامة لانتشار الأفكار ومواجهة الإمامة ورفض الطاعة للمنصوب من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم. فالشيعة الإمامية تمسكت بالإمامة لأنها من أصول الدين وجوهرة المذهب، وتركوا كل ما يخالف مذهب أهل العصمة، وعملوا على تخضيع كل المعاملات والعبادات لمذهب الإمام الصادق عليه السلام الذي هو مذهب كلية الإمامة، وقد وضع الصادق عليه السلام القواعد الكلية وحدد المصادر الشعية وبيّن جه الاختلاف والمفارقات التي يجب اجتنابها تبعاً لمذهب الإمام الصادق عليه السلام. وأمام هذه الحقائق والشخصية العظيمة سار على نهجه ومذهبه من صدق به وآمن بالمعاجز والأخبار التي ظهرت منه وأخبر عنها. وفي هذا الكتاب يحاول المؤلف بيان الآثار العظيمة للإمام الصادق عليه السلام مبيناً نشأته وصفاته والنص والدلالة على إمامته ومستعرضاً أقواله وفقه وآراءة.