وصف الكتاب:
الحياة هي المضمار الذي يتسابق فيه المؤمنون لحجز المقاعد العليا، وهي الفرصة الذهبية التي من خلالها يستطيع المؤمن أن يتملك مساحات واسعة من الجنة، ويرتقى درجاتها العليا، وكلما كانت الحياة أطول كلما كانت الفرصة أكبر لحصد المزيد من النعيم وارتقاء المزيد من الدرجات العليا كما يفترض، ولكن لأن الإنسان لا يدري كما ستطول حياته ومتى ينقضي أجله، فلعلها تكون قصيرة وأقصر مما يتوقع، وحتى إن كانت طويلة فهي على مقياس زماننا لا تزيد على سبعين أو ثمانين سنة، وهي بالنسبة للأمم السابقة لا تعني شيئاً، فما السبيل لتحقيق المزيد من المكاسب الأخروية وتحقيق التفوق؟ وكيف نستطيع أن نقلل من مساحة هذه الحسرة ونحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب الأخروية؟ فعلى الإنسان أن يغتنم فرصة الوقت ويستغل كل ساعة بل كل نفس في طاعة الله سبحانه وتعالى، وأن يكثف العمل ويبذل كل الطاقات والإمكانيات في ذلك. ولكن هل ذلك يكفي لصاحب الطموح الكبير؟! طبعاً لا يكفي! والسبب في ذلك أولاً: أن أعمارنا قصيرة، فهي في الغالب الأعم ستون سنة أو سبعون سنة وإن زادت فبقليل، وما أكثر الذين يختطفهم الموت في عنفوان شبابهم. ثانياً: الإنسان بطبيعته يصعب عليه، بل لا يمكنه أن يملأ كل ساعات يومه عبادة وعمل صالح، اللهم إلا المعصوم، فلا بد أن يعتريه التعب وينتابه الكسل والضجر، وبالتالي فإن هناك ساعات طويلة تحذف من حياة الإنسان القصيرة أصلاً. ثالثاً: لا نعلم كم صح وقبل من أعمالنا وطاعاتنا، فآفات العبادة كثيرة، وبسبب كثرة ما ارتكبنا من معاصي وآثام لا نعلم كم بقي من الطاعات وكم أحرقته المعاصي. فما هو السبيل؟ وفي محاولة الإجابة على هذا السؤال نقول إن العمر ينقسم إلى قسمين: الأول: العمر الحقيقي، الثاني: العمر الإنتاجي. العمر الحقيقي هو: عدد الأيام والسنين التي تعيشها، والعمر الإنتاجي مقدار العمل الذي عملناه، بل مقدار ما صح منه خلال عمرنا. فأما عن كيفية زيادة العمر الحقيقي، فلا تخاله يخفى على كثير منا، فقد تواترت الأخبار والروايات عن موجبات تطويل العمر، من قبيل بر الوالدين، وصلة الرحم، والصدقة، وزيارة الإمام الحسين (رضي الله عنه)... الخ. أما عن كيفية زيادة العمر الإنتاجي، فعن طريق ممارسة بعض الآداب للعبادات من شأنها مضاعفة ثوابها، فتجعل أجر الصلاة مثلاً كأجر مئة ألف صلاة،وأجر الصوم بضعة أيام كأجر صوم الدهر كله، وعن طريق عمل بعض الطاعات التي يستمر الكاتبان في كتابة ثوابها إلى يوم القيامة، وعن طريق القيام بأعمال يسيرة يعادل ثوابها ثواب الأعمال العظيمة، وهذا ما سيتناوله هذا الكتاب.