وصف الكتاب:
تختلف المناهج التفسيرية والاتجاهات العقلية في تفسير الآيات القرآنية بحسب اختلاف أذواق المفسرين واستدلالهم لأبعاد القرآن الكريم فمنهم من لا يعدو النقل في تفسيره للقرآن-معتقداً أن لا سبيل للعقل في تفسير كلامه تعالى، ومنهم من أجاز للعقل التدخل فيه، ويرى للرأي والنظر والاجتهاد مجالاً واسعاً في التفسير. ومن هنا تعدد التفسير والمفسرون وكل واحد نهج له منهجاً واتخذ له مبنىً خاصاً في المعارف. ولا شك أن أتقن منهاج ومصدر لتبيين القرآن والتعرف على جوانبه المختلفة هو نفس القرآن الكريم لأنه ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض، وتفسير القرآن على نمطين: منه ما أبهم من موضع وبين في موضع آخر، فكان أحدهما متناسباً مع الآخر تناسباً معنوياً أو لفظياً. والنمط الآخر من تفسير القرآن بالقرآن غير مرتبط ظاهراً لا معنوياً ولا لفظياً مع موضع الإبهام من الآية الأخرى، سوى إمكان الاستشهاد بها لرفع ذلك الإبهام. وأفضل من اعتمد هذا النهج التفسيري وزاده رونقاً وجمالاً سماحة العلامة محمد حسين الطباطبائي الذي التزم هذا النمط من التفسير وبلوره في كتابه العظيم (الميزان في تفسير القرآن)؛ الذي احتوى على مباحث نظرية تحليلية ذات صيغة فلسفية في الأغلب، كما واحتوى إلى جانب الأنماط التفسيرية السائدة، أموراً مما أثارته النهضة الحديثة في التفسير، فقد تصدى لما يثيره أعداء الإسلام من شبهات وما يظللون به من تشويه للمفاهيم الإسلامية، بروح اجتماعية واعية، على أساس من القرآن الكريم وفهم عميق لنصوصه الحكيمة. ونظراً لأهمية ما اشتمل عليه هذا الكتاب من بحوث قيمة تستدعي النظر والتدبر من قبل القارئ ومن أجل تحقيق الوحدة الموضوعية في البحوث كافة، قام الشيخ "قاسم الهاشمي" محقق هذا الكتاب الذي نقلب صفحاته بجمع تلك البحوث المتفرقة في الميزان، ثم عمل على تصنيفها في أبواب خاصة بالنحو الذي تتلاءم البحوث من ناحية التسلسل ولتوضيح هذا الأمر نضرب مثالاً من نفس الكتاب: عندما تتصفح بحوث المجلد الأول تجد أن البحوث متفرقة في كتاب الميزان مثل (بحث في عبادة الأصنام في الجزء العاشر، وبحث التوحيد في القرآن في الجزء السادس، وبحث الأسماء الحسنى في الجزء الثامن) مع أنها جميعاً تشترك في موضوع واحد وهو المعارف الإلهية لكنها جاءت مبعثرة في الميزان فعمد المحقق إلى جمعها في مجلد واحد وتحت عنوان واحد للحفاظ على الوحدة الموضوعية ولنفع القارئ في ذلك، فبدلاً من أن يراجع القارئ ثلاث أو أربع مجلدات في بحث التوحيد يمكنه الاكتفاء هنا بمطالعة مجلد واحد في ذلك، مما يسهل على القارئ ما يريده من هذا البحث ويؤدي به إلى أن يصل إلى غايته التي أرادها. وبالإضافة إلى هذا عنى المحقق بإضافة عناوين جانبية إلى أغلب المواضيع، كما واهتم بمطابقة الكتاب للنص الأصلي وبتصحيح الأخطاء الواردة فيه.