وصف الكتاب:
بدأت الدراسة بالحديث عن انطلاقة التيار الإصلاحي والنهضوي الإسلامي، خلال الفترة الأولى من القرن الثامن عشر، وقد شكلت المادة التاريخية المعروضة ما يشبه جولة عامة في سيرة مجموعة من العلماء المسلمين الذين كانوا رواداً في هذا المجال. وإذا كان الهدف هو الكشف عن جذور شجرة التيار النهضوي، فإن الاكتفاء بما تطور فعلاً، وعند الشيخ شلتوت تحديداً، يفرض الاهتمام ببعض القضايا دون غيرها، وهذا ما سيظهر في ثنايا الدراسة، حيث أنني تعمدت فحص كل القضايا التي سوف يكون للشيخ شلتوت فيها شأن أو رأي، دون غيرها، حفاظاً على محورية الموضوع، ومركزية العنوان المطروح. ونظراً لدور الظروف السياسية العامة في التطورات الفكرية، دفعاً أو منعاً، توجيهاً أو اعتراضاً، فقد تطرقت إلى القضايا السياسية الرئيسية، بدءً من تدهور أوضاع سلطة خديوي مصر في نهاية الربع الثالث من القرن الثامن عشر، ولغاية انهيار الجمهورية العربية المتحدة 1961، مروراً بثورة أحمد عرابي، والاحتلال الإنكليزي المباشر لمصر، وما أعقب ذلك من تطورات على مستوى الحركة الشعبية، ونتائج الحرب العالمية الأولى والثانية، وما إلى ذلك من أحداث أثرت عميقاً في تجربة الإصلاح الإسلامي في مصر. وإذا كنت قد تحدثت بالتفصيل في الفصل الأول عن البيئة الثقافية والسياسية في مصر، إبان عصر النهضة أو بداياتها، فقد خصصت الفصل الثاني من هذه الدراسة للحديث عن إنتاج الشيخ شلتوت الفكري، ولما كانت آراؤه مبثوثة في أكثر من كتاب أو مقال، فقد رأيت من المفيد الاقتصار على عينات كافية من هذه المؤلفات، عينات تلقي الضوء على معظم المكونات الرئيسية لفكرة، مع مجموعة من التفاصيل المفيدة، وأشرت إلى ذلك في مستهل هذا الفصل. أما الفصل الثالث فقد خصصته للحديث عن مشروع إصلاح الجامع الأزهر، هذا الصرح الذي شكل، منذ انطلاقة تجربة الإصلاح والنهوض، نقطة استقطاب، ومركز استيعاب لمعظم التطورات الفكرية، والسياسية أحياناً، وسنرى في صفحات هذا الفصل كيف شكل الأزهر مسرحاً للمواقف والآراء المتعارضة، بل والمتصارعة، على مستقبل الحياة الفكرية الإسلامية في مصر وخارجها. وغيرها من الفصول الهامة والممتعة حول هذا الموضوع.