الشيبانيون في العصر العباسي الأول
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
في غالب الأحيان يسجل المؤرخون أحداث الدول والشعوب، ويسهبون في ذكر مزايا الخلفاء والحاكمين، ويشيدون بهم إذا كان للدول التي حكموها أمجاد وحضارات. ويكاد بعض المؤرخون يحصر انتصارات الدول بحكامها، ويبرزوا الأحداث مقرونة بسيرتهم، في حين أن صانعي التاريخ الحقيقيين غالباً ما يكونوا رجالاً لم تلمع أسماؤهم في سجل التاريخ، ولذا يهملهم المؤرخون والباحثون. والمثل على ذلك الشيبانيون الذين كان لهم الدور البارز منذ نشأتهم في العصور المتقدمة في الجاهلية، وكذلك الأدوار الرئيسية التي شاركوا من خلالها في حروب القبائل التي عرفت بأيام العرب والمهمات الرسمية التي أوكلت إلى قادتهم من قبل الفرس. ومع ظهور الإسلام انخرط الشيبانيون في خدمة المجتمع الذي بدأ يأخذ نوعاً جديداً من التنظيم، واستطاعت القيادات الشيبانية-الجديدة أن تقوم على خدمة الدين الإسلامي، والدعوة إليه، والجهاد في سبيل نصرته. وفي العهد الأموي، في الوقت الذي كان فيه بعض القادة من الشيبانيين -الخوارج-يقودون ثورات ضد الأمويين-قامت ثورات متلاحقة بدءاً بثورة شبيب الشيباني التي شملت مناطق واسعة من العراق كالكوفة وكرمان وبلاد فارس والبصرة والجزيرة وكل المناطق المحيطة بها. ورغم أن نتيجتها كانت الفشل، قامت بعدها حركة شوذب وتأييد الشيبانيين لها وحركة البهلول بن عميرة الشيباني، فثورة الصحاري بن شبيب وكان آخرها ثورة الضحاك بن قيس. وفي الوقت الذي كانت فيه الدولة الأموية قد اشرفن على نهايتها، كان جماعة من الشيبانيين -نبو زائدة-يوالون الدولة الأموية، فعملوا تحت رايتها، وذدوا عنها ما استطاعوا، وإن أخر سيق دافع عنها كان بيد أحد الشيبانيين -معن بن زائدة. وبعد ما استطاع العباسيون الغلبة على الأمويين، وتمكنوا من بناء صرح دولتهم تحول بعض الزعماء الشيبانيين لموالاة الحكم الجديد، بعد ما عفا عنهم الخليفة المنصور، لذا لا غرابة بأن نرى معين بن زائدة الشيباني يدافع عن الخليفة العباسي وعن شرعية الخلافة. ولقد استطاع أن يرتفع بعض الشيبانيين في البلاط العباسي، فيتسلموا زعامة أكبر جيوش دولة عظيمة عرفها التاريخ، وذلك في فترات امتدت طوال العصر العباسي الأول. وكان الشيبانيون على استعداد دائم للدفاع عن الدولة العباسية، فخاضوا من أجلها حروباً كثيرة في إنحاء متعددة من التخوم المترامية، ضد أجناس متنوعة من الخصوم الذين ناصبوا العباسيين العداء. فضلاً عما كان للشيباني من دور مهم في القضاء على شوكة الخوارج فقاتلوا الأقربين منهم، وحققوا انتصارات عسكرية، لولاها لكان من تضمحل أن تضمحل الدولة العباسية قبل أوانها. ومن هنا نستطيع القول بأن لأولئك القادة من الشيبانيين الذين عاصروا الدولة العباسية في عصرها الأول الأهمية التي دفعت بالمؤرخ محمد يوسف غندور إلى أن يكتب عن هذه القبيلة ليبرز مشاهيرها وقادتها، والأدوار التي قاموا في تلك المرحلة التاريخية. هذا ولقد أثر المؤرخ أن يشمل في البحث سيرة حياة المشاهير منهم ليستطلع أساليب عيشهم وشخصياتهم وسيرتهم، وعلاقاتهم مع الخلفاء والأمراء والقادة، ولعل العطاء والكرم اللذين أغدقوهما على شعراء عصرهم، قد دفعا الكثير من هؤلاء الشعراء إلى الالتحاق بهم وموالاتهم.
