وصف الكتاب:
إن ظهور وتألق الأغراض الأدبية لاسيما الأغراض الشعرية رهن بكثير من الأمور والظروف التي لها دخل في إيجادها ونموها وتألقها أو ضعفها واندثارها. ومن الأمور ذات التأثير والمهمة هي الحركات الفكرية والدينية، وان التشيع كتيار فكري وديني قوي، له تأثير بالغ في تبلور أغراض الشعر العربي بشكل عام وفي العراق على نحو الخصوص . تعتبر عقائد الشيعة وأفكارهم بيئة مناسبة لخلق حالة من التغيير في الآداب، وأصبحت عاملاً في صياغة ضروب من الشعر في شتى المجالات تحت مسمى الأدب الشيعي، والمراد من ذلك تلك الآثار الأدبية التي تجسد مشاعر أتباع آل علي (ع) وأحاسيسهم الدينية التي تأسست قواعدها عقب الشورى التي انعقدت في سقيفة بني ساعدة، فالتعاطي الصارم من قبل الشيعة مع الخلفاء الفاسدين أرسى دعائم أدب متجذر حيث ارتكز عمل الشعراء الشيعة على فضح الظلم والظالمين من حكام الجور وخلفاء الباطل، وقد صيغت هذه الوقائع على مر التاريخ الشيعي في أطار شعري من قبيل الغديريات، العلويات، الهاشميات، القصائد السبع العلويات، الشيعيات ..الخ، كما أصبح مدعاة لتبلورأدب المآتم والعزاء بما يختص به من حرارة واستعبار، في بيئة الأدب العربي والأدب العراقي ما أحدث تحولاً في الرثاء والحماسة والمدح والوصف وغيرها من الأغراض الشعرية . إن مَثَلَ هذه النفحات الشعرية عند الشيعة كنسيم هب على الأدب العربي والأدب العراقي فأنعشه، وغدا شعر التشيع كشجرة راسخة ارتوت من دماء الشيعة . ونحن في هذا المقال نعمل على استعراض أغصانها الزاهية .