وصف الكتاب:
يبلغ عدد مسلمي جنوب آسيا حوالي 400-500 مليون أكثر أو أقل من هذا، وهم موزعون بين باكستان والهند وبنغلادش. كما أن هناك مسلمون في جنوب آسيا أكثر من أي منطقة في العالم. فبعد الثورة الكبرى، أو ثورة السباهي، عام (1857-1858م)، وعلى الرغم من أنّ المنتفضين كانوا في أغلبهم من الهندوس فإن الامبراطور المغولي الأخير، بهادر شاه ظافر (1775-1862م) قد تعرّض لمحاكمة من قبل البريطانيين واتهم بكونه وراء مؤامرة اسلامية دولية تمتد من استنبول ومكّة وإيران حتى جدران القلعة الحمراء في دلهي. وقد هزمت الثورة، ونُعي الامبراطور إلى بورما حيث توفي عام 1862م، وأصبحت الهند قانونياً تحت الحكم البريطاني. وإلى هذا فإنه وفي الفترة بين عام 1857 والعام 1947م؛ شهدت القارة الهندية تحولات هامة خاصة على المستوى السياسي. وكان أحد أهم نتائج ثورة السباهي أنها أنهت التفوق السياسي للإسلام السياسي في المنطقة، وأنهت حكم سلالة المغول والتي أنشأت دولتها في الهند منذ عام 1526م، وأحلّت الحكم البريطاني محمل الحكم الاسلامي. وقد حددت لجنة بريطانية بقيادة السيد إدوارد ديوراند عام 1893 من جهة واحدة خط حدود الهند البريطانية مع أفغانستان على امتداد ممر خيبر. من هنا تأتي أهميّة هذه الدراسة والتي شملت أربع مجالات هي: العلوم السياسية، والتاريخ، دراسات اسلامية, دراسات جنوب آسيا، والهدف من ذلك بحث ما قدمه كل من المفكرين الاسلامييّن: شيراغ علي، محمد اقبال، وأبو أعلى المودودي فيما يتعلق بالنماذج السياسية، ومفاهيمهم عن الدولة ودور الإسلام فيها، وكذلك البحث في عوامل التشابه والاختلاف فيما بينهم، وعن العوامل والمناخات التي كان لها تأثير على تأطير أفكارهم وتوجهاتهم. من مثل، الفكر السياسي الغربي، والتفاعل بين العالم الاسلامي والغرب، والنفوذ البريطاني في الهند. وتجدر الإشارة إلى مكانة هذه الدراسة، إذ على الرغم من أن الاقتراب السائد في دراسة ما له علاقة بلإسلام يدور في محوره عادة حول المسلم العربي، باعتباره الممثل والمحور الأساسي للإسلام، في حين أنّ المسلمين في الهند في فترة ما قبل التقسيم كانوا يمتلكون أكبر تجمع للمسلمين في العالم، وغالباً ما يُهمل هذا الأمر، ويتجلى ذلك في إغفال التأثير السياسي والفكري لمسلمي جنوب آسيا، واهمال تناول هذه المسألة في الدراسات الاسلامية عامة.وممّا لا يمكن إغفاله الدور الهام الذي لعبه المسلمون في هذه المنطقة وذلك في التاريخ العالمي للاسلام؛ بما في ذلك دور مسلمي هذه المنطقة في المرحلة الكولونيالية، وذلك من خلال مقاومتهم للحكم الكولونيالي، والتصدي الفكري له. وبالعودة فإن مصادر هذه الدراسة حول الإصلاح الاسلامي في الهند مصادر موثّقة. وأما المنهجية التي اتبعها الباحث، فهي المزج بين أفكار و آراء المفكرين الذي شكلو المحور الأساسي وبين أفكار "محمد أركون" (1928-2010م) و"كوينتن سكينز". حيث سعى الباحث إلى المزج بين النظرة النقدية للدراسات التي تناولت الفترة المبكرة لما يُسمى "الاسلام" من خلال التفكيك المنظم للنصوص الأصلية المستخدمة في هذه الدراسات كمصدر للمعلومات الموثّقة، وذلك بهدف طرح إشكالية الإطار المعرفي الذي يسلّط الضوء على الخطاب الإسلامي، وبالتالي الأفكار التي شكّلت الإطار المعرفي الاسلامي لهؤلاء المفكرين المسلمين، وليست الأفكار المعروفة بـ "الاسلامية".