وصف الكتاب:
تركز البحث في تاريخ الإسلامي السني المعاصر على العالم العربي، أما ما قام من أعمال حول الإسلام الشيعي فقد كان محورها إيران. فكان التشيّع العربي ضحية لهذه القسمة في العمل العلمي. كذلك فإنه في حين أصبح الإصلاح السني معروفاً في أوساط المستشرقين، ما زالت الأبحاث حول الإصلاح الشيعي في طور التلمس. وقد كرّس هذا الكتاب لحركة الإصلاح الشيعي في جبل عامل في نهاية الدولة العثمانية وفي أثناء تكوين الدولة اللبنانية (1880-1943). وكان اختيار هذه المنطقة طبيعياً لكونها منبتاً للعلماء الإماميين. والرجال الذين يستعيد هذا الكتاب سيرهم الفكرية هم من العلماء والأدباء. وقد توصلت المؤلفة من تحليل آثارهم وأعمالهم إلى استعادة بناء البيئة التي انتموا إليها، وإلى كشف الصلات القائمة فيما بينهم واستراتيجيات المصاهرة، بالإضافة إلى علاقاتهم بغيرهم من الفاعلين الاجتماعين بتفصيل يصل إلى دقائق الحياة اليومية. إلا أن الخلفية التي يدور عليها هذا الكتاب هي بالأخص خلفية الفوضى الضاربة التي تسبب بها انهيار الدولة العثمانية، والاختلاط التي أثارته الحرب الكبرى، والبلبلة التي نشأت لدى قيام الانتداب وبعد إنشاء الدولة اللبنانية الحديثة. وكان على العلماء من دعاة الإصلاح أن يتكيفوا في جميع هذه الأحداث وهم يتخبطون بين أحلامهم الضائعة والوضع السياسي الذي كانوا يحاولون التأقلم معه. ورد بعضهم، على مثالية البعض الآخر، بموقف واقعي براغماتي.