وصف الكتاب:
تُعد نظرية الإنسان الكامل من أهم النظريات في قاموس الفلسفة الإسلامية والتي قام ابن عربي بإدخالها ضمن نظرته الشاملة لحرية الإنسان وحقوقه، يرى ابن عربي أن الإنسان هو المجلى الأكمل للحق، فهو الذي يُمثل وجه الحق في العالم بينما العالم يُمثل وجه الخلق، الإنسان هو الحادث الأزلي والنشء الأبدي الدائم، والكلمة الفاضلة الجامعة، قيام العالم بوجوده، فلا يزال هذا العالم محفوظاً مادام فيه وتتجلى قيمة هذا الإنسان الكامل عند ابن عربي في أن هذا العالم بأكمله مخلوق من أجل هذا الإنسان الكامل، فهو بجملته مخلوق به وله، وأن وجوده ضروري لوجود العالم. فلقد جمه ابن عربي بين الحقائق الإلهية وهي الأسماء الحسنى، وحقائق العالم، فكان الإنسان أكمل الموجودات، فكل ما سوى الإنسان خلق إلا الإنسان فإنه خلق وحق، فالإنسان الكامل على الحقيقة هو الحق المخلوق به، أي المخلوق بسببه العالم. نظر ابن عربي للحرية على أنها جبرية إلاهية، أي أن القوانين المغروسة في جبلة الوجود قوانين إلهية طبيعية معاً، وهي التي تقرر مصير العالم في أية لحظة من لحظاته، إن التسليم بها هو الذي بإيمان الإنسان بقضاء الله وقدره، ومحاولته الدائمة للتحرر من ربقة العبودية الشخصية وصولاً إلى الغاية التي يرنوا لها كبار العارفين: التحقق بالوحدة الذاتية مع الحق. فالنظرة الصوفية المتأصلة في فلسفة ابن عربي جعلت من الحرية مفهوماً جبرياً اختياراً، أي أن الجبرية تراها حرية حقيقية قائمة على معرفة القوانين المطبوعة في الوجود، وهذه القوانين هي إلهية وطبيعة معاً يخضع لها بالضرورة فعل الإنسان. كذلك يُضيف ابن عربي على أن الحرية شعور لا يشعر به الإنسان الخاضع لشهواته، بل أن هذا الشعور نابع من معرفة الوجود والتي تبعث الرضا في نفوس العارفين. ـــــــــــــــــــــــ من كتاب «مسألة الحرية والإرادة»