وصف الكتاب:
الشريعة الإسلامية مبناها وأساسها مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فهي عدلٌ ورحمة كُلها ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلي الجور وعن الرحمة إلي ضدها وعن المصلحة إلي المفسدة وعن الحكمة إلي العبث ، فليست من الشريعة الغراء ، فالشريعة هي عدل الله بين عباده وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلي صدق رسوله، فإن الله تبارك وتعالي بعث نبيه محمداً بالبينات والهدي ، وأتم علي الخلق به النعمة حتي استوفي ما أمر الله به من البلاغ. الله سبحانه وتعالي أمرنا بطاعة أوامره وتطبيق سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، ومن جملة ما أمر الله تعالي به العفو عما لا طاقة للإنسان به ، ولا قدرة له عليه ، أو ما يتكلفه بحرج ومشقة ، سواء أكان ذلك في العبادات أو المعاملات أو غيرهما ، قال تعالي : ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا... ﴾، وقال تعالي : ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ... ﴾، وقال رسول الله:" إن الدينَ يسرٌ ولن يُشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة". وبناءاً علي ما تقدم فإن العفو في الأحكام الشرعية من المسائل التي بينها الشارع الحكيم ، ونبه عليها النبي الكريم، وظهرت في عصرنا مسائل يتساءل الكثيرون عن بيان مطابقة حكم العفو عنها ، لذلك كان موضوع هذا البحث (( العفو وأثره في العبادات والمعاملات بين النظرية والتطبيق دراسة فقهية مقارنة )) والذي تناولت فيه أهم المسائل التي ورد فيها حكم العفو باتفاق ، والمسائل التي وقع فيها الخلاف ، مستعيناً في ذلك بكتب المذاهب ، والآراء الموجودة بكتب الفقه المعتمدة في المذاهب الأربعة وغيرها متى أمكن لي ذلك .