وصف الكتاب:
لم يكن كتاب " لويثان" تأسيسا لنظرية الدولة الحديثة وحسب بل كان كذلك تدشينا للأيقنة السياسية iconographie politique . ولمّا كانت الصورة بمعنى أيقونة قد ارتبطت قبل كلّ شيء بالتجربة البصرية، ولمّا كانت الصورة البصرية تبرز الموضوع/ الشيء في وضعية بانورامية فتقدّم المعنى كاملا على خلاف الصورة اللغوية التي تظل دوما حبيسة خطيّة الخطاب، ولمّا كان هوبز قد شدّد في مختلف مؤلفاته على ضرورة أن تكون السلطة مرئية حتى تؤدي وظيفتها المتمثلة في بسط الأمن عبر فرض احترام العقد المبرم بين أفراد المجتمع فقد اختار هوبز تجسيد الدولة في صورة " لويثان" Léviathan وبرّر ذلك بكون هذا " اللويثان" يتمتع بقامة وقوة أضخم من تلك التي يتمتع بها الإنسان الطبيعي ، ولذلك هو مؤهل لجمايته والدفاع عنه. ضمن هذا السياق فإنّ أول ما لفت انتباهنا عندما نظرنا في كتب هوبز تلك التحوّلات التي عرفتها الرسوم المثبتة على أغلفتها وذلك بتغيّر المكان والزمان وجمهور القرّاء. وثاني ما لفت انتباهنا هو أن " تحيين" تلك الرسوم كان يتم بمعزل عن النصوص: لقد كان النص عابرا للمكان وللزمان في حين كانت الرسوم رهينة المكان والزمان. ذلك يعني في المقام الأول أنّ السياسة لا تتغير وإنما النظم ةالأساليب هي المتغيّرة. ويعني في المقام الثاني أنّ " لويثان" يتلوّن في كلّ مرة بلون العصر. هذا ما يخوّل لنا أن نلوّن صورة لويثان بلون العصر وأن نعيد رسمه وفق قراءة تعتبر الدولة شرطي مرورEtat voirie تقول مفردات هذه القراءة أن سلطة الدولة الحديثة هي مدينةPolis وشرطة Police أي هي مركز يتحكم في المواصلاتVoirie. ومن ثمّة فإنّ صورة لويثان تحيل على صورة الشرطي شاهرا " سيفه" وعصاه يراقب حركة الأشخاص والبضائع والأفكار..الخ إنّ المسوّغ لهذه القراءة كوننا في عصر السرعة.