وصف الكتاب:
رؤوف قبيسيفي كتابه الجديد "آب اقسى الشهور يشعل الليلك في الأرض الخراب" يعود بنا الشاعر اللبناني عقل العويط إلى الرابع من آب 2020، يوم الانفجار الذي هز بيروت هزأ عنيفأ، وأزهق أرواحاً وشّرد بشراً، وحول أطرافاً من مدينة إلى أرض خراب. بالشعر يؤرخ العويط ذلك اليوم كما تؤرّخ الملاحم، منادياً ما بقي من روح بيروت، مناداة أملاها الحزن وصاغتها الكبرياء. الحزن الذي يفوق الأحزان كلها، والكبرياء التي تأبى الموت والهزائم. يفعلها الشاعر بلغة آسرة صارخة مشتعلة مرة، مشبعة بنقاط الأسيد، صاباً بين ثناياها اقصي ما يمكن الكلام أن يحتمل من وقع الحدث وأوجاعه. في كتابه الجديد، كما في كتابه الأول، عن "الرابع من آب 2020"، يبدو الشاعر غاضباً ثائراً، ورافضاً للنسيان. يقول لطوماس إليوت، صاحب قصيدة "الارض اليباب" إن آب هو "أقسى الشهور"، بخلاف نيسان الذي هو أقسى الشهور في قصيدة الشاعر الأميركي البريطاني. نشر إليوت قصيدته تلك قبل نحو مئة عام، أي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى التي كانت وبالاً على بلاده الجديدة (بريطانيا) وعلى أوروبا كلها. اعتبرت قصيدته المدوية تلك، خيبة أمل جيل ما بعد الحرب وعقم الإنسان الحديث، أو بتعبير أدق، محنة جيل بكامله. نيسان عند إليوت، اقسى الشهور على الأرض التي لا تلد زرعا ولا شجراً وليس فيها اثر لماء أو نبات. لا فصل اقسى عليها من فصل الربيع، ولا شمس أقسى عليها من شمس نيسان. حال أرض كهذه، لا حصة لها من عطية السماء، كحال كطفل تحرمه الظروف من هدايا العيد، فإذا يوم العيد عليه اقسى أيام السنة. نقرأ قصيدة إليوت في نصها الإنكليزي الغامض والحار، ونقرأ رأي النقاد فيها لفهم ما استغلق علينا فهمه من دلالاتها، فإذا هي منجم من المعاني والصور...