وصف الكتاب:
هل نستطيع، بعد، أن نتخطى فرناندو بيسوا؟ من منّا لم يقرأ له قصيدة، ولو مترجمة، وفي لغة غير لغته الأصل، البرتغالية؟ من منّا لم يقرأ مقالة عنه؟ حتى وان لم نفعل ذلك، من منّا لم يسمع بعد باسمه، أو لم يشاهد صورته على غلاف كتاب أو في جريدة وهو يتنزّه أو يحتسي كأسا في مقهاه المعتاد "البرازيلييرا" أو وهو شارد في البعيد يتأمل، كأنه يتأمل هذه "الحيوات" الكثيرة التي اخترعها. هذا الرجل الذي "شدّ إبليس من ذيله" يرتاح اليوم في صومعة "جيرونيموس"، بين "كاموينش" و"فاسكو دي غاما". انه هذا "الليشبوني" الذي كتب عن مدينته، الذي جعلها مثالية بعض الشيء، مثلما يجعل المرء والدته رمزا لهذه المثالية، يقول: "أنا الشوارع الخلفية لمدينة غير موجودة، أنا التعليق المهذار لكتاب لم يكتبه أحد مطلقا." فرناندو بيسوا أصبح في فضاء العقود الأخيرة أحد أكبر كتّاب العصر. هذا أقل ما يمكن أن نقوله عن هذا المصير، الذي لقيه بعد موته والذي يشهد على ذلك. يكفي أن نذكر بعض الأحداث: لم تُكتشف "مُخلّفات" بيسوا إلاّ في العام 1968 أي بعد أكثر من ثلاثين سنة على موته، أي لم تكتشف هذه "الحقيبة السحرية" حيث كان يراكم مخطوطاته (بالأحرى الكتب، إذ لم ينشر وهو على قيد الحياة إلاّ هذا الكتاب الصغير الذي أعطاه عنوان "رسالة" (1)، وهو عبارة عن "ملحمة وجدانية في مجد البرتغال"، ماضيا وحاضرا.) أما الطبعة البرتغالية من "كتاب القلق" (2) فتعود فقط إلى العام 1982. في حين أن "فاوست"، وهو كتاب يُشكل أيضا إحدى قممه الأدبية، فلم ينشر في البرتغال إلا في العام 1982 أيضا. ___________________________________________