وصف الكتاب:
الانخراط في فكر الحداثة والتحديث، هو انخراط في رهان التغيير والإبداع والتجديد، وفي الخروج من النَّفَق، أو المغارة الأفلاطونية، للنطر في الشمس بعيون مفتوحة، مهما كانت لَسَعاتُها. هذا ما فعله محمد سبيلا في قراءة واقعنا، في قراءة الفكر العربي في راهنه، في هذا المُعاصِر الذي ما زال الماضي يَقُضُّ طريقه، يمنع الرؤية، بل يَحْجُبُها، بدعوى «التأصيل»، وبدعوى الهوية والانتماء القومي أو الديني. وسبيلا، كان بين من ذهبوا إلى الأمام، الوراء يراه أمامه، ويقرؤه بهذا المعنى، لا بغيره، كما لم يترك الوراء يكون حِجاباً له، في رؤيته للواقع والأشياء، بل جعله من بين ما يمكن أن يكون طريقاً، لا أن يكون عائقاً. فالفكر الحداثي، هو فكر متنوِّر، ومنفتح، يقبل الحوار والنقاش، كما يقبل النقد والمُراجعةَ والتفكيك، ويطرح المشكلات والقضايا والأفكار تحت المجهر، لا يخشى ما يمكن أن يمَسَّها من ضوء، لأنه فكرٌ آتٍ من الضوء نفسه، لا من الظِّلِّ أو العَتمة التي طالما أعْشَتِ الرؤية، عَتَّمَتْها، ومنَعَت البَصَر أن يكون حَديداً، رؤيته صارمةً، مثل طفل الإمبراطور الذي استطاع أن يكشف من أعلى الشجرة التي كان عالقاً بها، أن الإمبراطور عارٍ.