وصف الكتاب:
نشأ الإنسان وحوله من عجائب الدنيا العجيبة ما أثار دهشه، فحار في أمرهِ وبدأ ينقب ليستطلع كنه أمرها، وَجَدَّ في كشف القناع عما حجب عن عينيهِ من العظائم فلم يُفلح سعيًا. ولما رأى نفسه حائرًا في معرفة العوامل الموجبة لهذه المدهشات وتحقق إخفاق سعيهِ تركها وشأنها وجعل دأبه استقصاءَ النتائج الناشئة عن تلك العوامل فدرس أحوال الطبيعة ونقب عن صفاتها ليتمسك بالمفيد ويجتنب المضر. وكان تعاقب الليل والنهار والحر والبرد والفصول الأربعة من حر الصيف القادح وبرد الشتاءِ القارس وظهور الأرض نضرة زاهية زاهرة ستة أشهر ويابسة قاحلة ستة أشهر أُخرى لا نبات فيها ولا أزهار، وما يعقب ذلك من العوامل الطبيعية، كل ذلك قضى عليهِ بأشد الدهشة والحيرة فاشتدَّ عجبه وشمَّر عن ساعد الجِد ليستطلع طلع الأسباب التي أوجبت هذه التغييرات ولشدة ما تفحص بدأ يدرك النتائج وعرف منها الأسباب، وأحاط علمًا ببعض أحوال الطبيعة ومكنوناتها.