وصف الكتاب:
جاءت المعلمة في هذا الصباح البارد من شهر ديسمبر. شعرَتْ التلميذات أن الشيطان حلَّ معها في دخولها ثم حلَّ بها. نظرَتْ بعيونه وخبَّطتْ في أوراقها وكراسات التلميذات بخبطاته ثم نادت بصوته: - ”محاسن خليل الناس شروني!“ المعلمة تعرف تمامًا مكان جلوس كل تلميذة، لكنها أرادت شكلاً استعراضيًّا وعظيًّا يُرهب التلميذات ويمنحها السيطرة. حامت برأسها فوق رؤوس الجميع بعينين جاحظتين بالشر والوعيد. نظرت في كلِّ الاتجاهات عدا موقع محاسن التي كانت تستقيم في بطء مُتَوَقِّعةً كارثة تُصرُّ عليها وتترصّدها منذ لحظاتٍ قصيرة ثقيلة على الأحاسيس. استدارت المعلمة برأسها أولاً ثم بجسدها في الحركة الاستعراضية البائخة. فتَحَتْ كراسة محاسن على موضوع التعبير ورفَعَتْها مفتوحةً في وجوه التلميذات. أفزعَتْها: - ”ما هذا؟“ لم تَدْرِ محاسن ما تقصد. هل موضوع التعبير الذي كتَبَتْهُ رديءٌ لهذه النفضة والفَزَّة وتلك الدرجة القصوى من حالة الطوارئ المزعومة على الفصل.