وصف الكتاب:
حسنا فعل الدكتور حسن سرحان عندما أقدم ، ببراعة لافتة ، و إبداعية فذة ، على تحويل نصوص مجموعة "لقطات " القصصية ، وكذا بعض أهم مقابلات الأديب الفرنسي آلان روب - غرييه إلى لغة الضاد ، انطلاقا من لغة موليير . إذ أصبح بمقدورنا من خلالهما التعرف مليا على إواليات النسق الجمالي الطليعي، و خصيصات الجوهر الفني المتفرد لأحد عرابي التجريب في المرجعية الغربية الأوروبية . فهذه " العين المحايدة " الملمع إليها، على الأخص في " بيضة الديك " ، إضمامة روب - غرييه الوحيدة ، الصادرة سنة 1962، هي أكثر من عضو حيوي للنظر ، بل إنها برنامج سردي متكامل ، و خرائطية جديدة للمتخيل، قوامهما حكي أشياء العالم بموضوعية باردة ،و بطريقة سينمائية لانسقية على شرعة أهل " الموجة الجديدة ". صحيح أن روب - غرييه يروي ويصف وقائع المحكي بواسطة هذه " العين المحايدة" ، لكن تحديدا عبر "نقطتها العمياء " ، التي تخلو من أية مستقبلات للضوء، أو العاطفة ، أو التحليل الشارح الشافي للغليل . فالجزء المقابل مباشرة للقرص البصري و لمجال الرؤية الحكائية يصبح في واقع الأمر محتجبا و لامرئيا ، بيد أن ذائقة القارئ النموذجي تقوم بجهد تأويلي شاهق،كي تستكمل شتى الدقائق والألغاز، التي طمستها تلك النقطة العمياء المتخفية مع سبق الإصرار و الترصد . في " العين المحايدة " سنكتشف أيضا العديد من أعراض " التعكير" (مثلما يسميه الناقد غي سكاربيتا) ، كون قصص آلان روب - غرييه نموذج مثالي لتجربة الحدود و للاقتصاديات النصية المسقطة للأسلاك الشائكة بين السجلات والطروس والأنواع الأدبية . إن روب - غرييه هو السيد المطلق لخطوط النقل الأدبية ذوات الجهد العالي بامتياز ، دون الاكتراث بمحاذير توزيع الطاقة أو احترازات العازلية. أنيس الرافعي