وصف الكتاب:
تناولت هذه المذكرة سلطة القاضي التقديرية في تعويض الضرر عن الطلاق، فمن خلال استقرائنا لنصوص المواد القانونية الخاصة بقانون الأسرة الجزائري، التي تقضي بالتعويض عن ضرر الطلاق، فإننا نلاحظ أن المشرع الجزائري قد فتح المجال واسعا لسلطة القاضي التقديرية، بخلاف المشرع المصري والسوري، اللذين قيدا سلطة القاضي في تقدير التعويض عن ضرر الطلاق، بالإضافة إلى ذلك نلاحظ تميز المشرع الجزائري عن المشرع المصري والسوري، وهذا في أنه لم يقيد سلطة القاضي بإتباع مذهب فقهي معين، بل فتح المجال لاجتهادات القاضي، وهذا طبقا لأحكام المادة 222 من قانون الأسرة، التي تقضي بأنه في حالة عدم وجود النص القانوني في المسألة المعروضة على قاضي شؤون الأسرة، فإنه يرجع في هذه الحالة إلى أحكام الشريعة الإسلامية. إن مسألة التعويض عن ضرر الطلاق تطرق لها فقهاء الشريعة الإسلامية، واختلفوا فيها -المتعة- غير أن هناك من القوانين الوضعية منها ما أخذ بمذهب معين ومنها من أطلق عليها مصطلح جديد وهو التعويض عن الطلاق التعسفي، بالرغم من أن هدفها واحد وهو جبر الضرر وإصلاحه. والضرر هنا الواقع بسبب تعسف أحد الزوجين في واقعة الطلاق يختلف من حالة لأخرى، فلا يمكن أن نفترض أن كل طلاق يحصل تكون فيه نسبة الضرر مماثلة لطلاق آخر بين زوجين آخرين. ومن أجل هذا وذاك فقد منح قاضي شؤون الأسرة سلطة تقديرية واسعة في تعويض أحد الزوجين، فهنا نلاحظ دور سلطة القاضي التقديرية في تعويض الطرف المتضرر، إلا أن هذه السلطة التقديرية رغم أنها تظهر مطلقة، غير أنها تخضع لبعض القيود والضوابط، فيجب على قاضي شؤون الأسرة مراعاتها أثناء تقديره للتعويض، وإذا خالفها فإن حكمه يصبح مشوب بالقصور وعرضة للطعن. ومن هنا يتضح الدور الفعال الذي يلعبه قاضي شؤون الأسرة في تعويض الضرر عن الطلاق، وتميزه عن باقي القضاة الآخرين، لأنه يقضي بتعويض الضرر عن واقعة الطلاق، التي يصعب تحديد تعويض مناسب لها.