وصف الكتاب:
مقدمة بقلم ماجد شُبَّر تعد مس بيل من أهم الشخصيات البريطانية التي ساهمت في صنع الخريطة السياسية والجغرافية لمنطقة الجزيرة العربية والعراق في القرن العشرين ،من هنا تأتي أهمية دراسة وترجمة رسائل المس بيل. أن دارسة تاريخ المنطقة العربية الحديث وبالخصوص العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية لا يتم دون دراسة أوراق ورسائل المس بيل لما تحويه من معلومات مهمة وتقييمات بريطانية لحال المنطقة العربية. أن أثار تلك السياسات التي قام بها الانكليز لا زالت باقية إلى الآن وسوف تبقى لآجل طويل . ولدت جيرتروود بيل في واشنطن عام 1868 وعندما كانت صغيرة جدا انتقلت عائلتها إلى ريدكار .تم تعليمها الأولي في المنزل وبعدها انتظمت في مدرسة في لندن وبعد إكمال تحصيلها المدرسي ذهبت عام 1886 لدراسة التاريخ في جامعة أكسفورد وهي في العشرين من عمرها وقد أكملت الدراسة وهي في الثانية والعشرين وحصلت على أعلى درجة في دورتها بل كانت من المع الطلبة في جامعة أكسفورد العريقة . وبعدها بممارسة العمل الاجتماعي لمدة سنتين في لندن ويورك ذهبت برحلة استكشافية طويلة إلى أوربا بين عام 1897و 1899 وفي هذه الفترة كانت شغوفة بتسلق الجبال وقد نالت الإعجاب عندما تسلقت (الألب) حيث هبت رياح شديدة فبقيت على الحبل لـ 53 ساعة . تعلمت الفارسية وزارت إيران في 1892 حيث كان عمها سفيرا في إيران. واثر رحلتها إلى إيران نشرت رحلتها في كتاب (صور فارسية) كما ترجمت أشعار (حافظ) في إيران . بدا اهتمام مس بيل بالعرب و الحياة العربية نهاية القرن التاسع عشر بداية القرن العشرين حيث قامت برحلة عام 1899-1900 لزيارة القدس وتعلم اللغة العربية والقيام ببعض الاستكشافات الأثرية . لقد نشر المرحوم جعفر الخياط تقرير مس بيل عن العراق المقدم إلى الحكومة البريطانية تحت عنوان Review of the Civil Administration of Mesopotamia "استعراض الإدارة الملكية في ما بين النهرين" ( الذي قدم إلى البرلمان البريطاني و سمي يومذاك بالكتاب الأبيض ) والذي يتناول تفاصيل الوضع السياسي والاقتصادية والعشائري لفترة بين عام 1914 و1920 م- ان الكتاب نشر تحت عنوان فصول من تاريخ العراق القريب- تعد هذه الدراسة المهمة التي اضطلعت بها المس بيل خير قيام لما عرف عنها من مقدرة واسعة للاطلاع على شؤون العراق وأحوال سكانه . لقد كان التقرير بعشرة فصول الأساس التي بني على ضوئها شكل السياسة البريطانية للعراق, وكذلك قام الأستاذ نمير عباس مظفر بترجمة كتاب إليزابيث بيوغن تحت عنوان جيرتروود بيل من أوراقها الشخصية لمس بيل بين نفس الفترة 1914-1926. لقد وقع بين يدي كتاب الليدي بيل والذي تناول رسائل المس بيل في مجلدين ،المجلد الأول هو عن الفترة الممتدة بين عام 1899-1914 والمجلد الثاني يشمل الفترة بين 1914-1926 . يشمل المجلد الأول رسائل عن سورية وفلسطين والأردن والعراق و شمال الجزيرة وكذلك عن مناطق أخرى عديدة من العالم . أما المجلد الثاني فيشمل الرسائل التي نشرت قسم كبير منها إليزابيث بيوغن وقام بالترجمة الأستاذ الفاضل نمير عباس مظفر وصدر تحت عنوان رسائل المس جيرتروود بيل بي عا 1914-1926. لقد وجدت انه مهم لنا بمكان أن نقوم بترجمة المجلد الأول لكونه يسلط الضوء على الفترة الأولى والمراحل التي كانت بها مس بيل باحثة ورحالة تجول المنطقة العربية – فلسطين و الأردن و لبنان وسورية والعراق وشمال الجزيرة – الجوف وحائل- قبل أن تصبح مس بيل كما يقال "صانعة دولة العراق الحديث" أن الجزء الأول يحتوي على رسائل عن رحلتها في مناطق عديدة من العالم بالإضافة للمنطقة العربية لذا فقد اكتفينا بترجمة القسم المتعلق بمنطقتنا العربية دون غيرها حيث أن القارئ العربي مهتم بتاريخ منطقته أكثر من اهتمامه بالمناطق الأخرى أو بحياة مس بيل في الهند أو ايطاليا على سبيل المثال . أن هذه اليوميات والرسائل التي كتبتها مس بيل عن المنطقة العربية مهمة كما أسلفت القول لأنها تسلط الضوء على جوانب عديدة من شخصيتها واهتماماتها والاهم من ذلك هو ما تخبرنا به عن حال المناطق التي زارتها و انطباعاتها عن أفراد تلك المجتمعات في ذلك الزمان ومن هنا نورد بعض النقاط المهمة عن شخصية هذه المرأة ورسائلها: 1- قوة شخصية مس بيل وإصرارها على ركوب الأخطار والمخاطر . 2- التسجيل الكامل والمسح الجغرافي للمنطقة من الناحية الأثرية والطبوغرافية والسكانية وتصحيح المعلومات على الخرائط الجغرافية التي كانت تستعملها . 3- كيفية تعلم اللغة العربية بلهجاتها المختلفة و تطور لغتها العربية . 4- القابلية الكتابية الكبيرة وثقافتها الغنية و الواسعة في مختلف جوانب الحياة . 5- قيامها بتصوير كم كبير من الأماكن والشخوص مما جعل هذه الصور كنز كبير لا يقدر بثمن. 6- تسجيلها الدقيق للقبائل و العشائر العربية ومعرفة العلاقات بين القبائل و كذلك معرفة علاقة القبائل بالحكومة التركية – السلطات العثمانية . كانت المس بل أول امرأة في التاريخ تدون مدوناتها السياسية التاريخية في رسائل بلغ عددها 1600 وكذلك في يوميات بلغ عددها 16 مجلد و أربعين كتيب صغير و 7000 صورة . في عام 1914 ذهبت إلى العراق ( البصرة بعد دخول الانكليز ). وعند سقوط بغداد عينت السكرتيرة الشرقية - للحاكم كوكس . وفي 1920عام قررت بريطانيا الانتداب على العراق .كانت المس بل المندفعة بعنف على أعطاء العراق الاستقلال. واثر ثورة عشائر الفرات في العراق عقد ونستن تشرشل مؤتمرا في القاهرة وكانت المس بل الوحيدة بين الرجال وفي الاجتماع تقرر تعيين الأمير فيصل الهاشمي ملكا على العراق بعد أخراجه من عرش سوريا وبتأييد من لورنس المعروف آنذاك. كتبت المس بل تقول (لن أسعى أبدا لخلق ملوك مرة أخرى أنها عملية متعبة جدا). ماتت مس بيل ودفنت في بغداد عام 1926 ولم تبلغ الرابعة والخمسين عاما بعدما تحقق جزء من أحلامها.