وصف الكتاب:
صدر عن سلسلة ترجمان في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب محاضرات في تاريخ الفلسفة السياسية، وهو ترجمة يزن الحاج العربية لكتاب Lectures on the History of Political Philosophy الذي حرره، باللغة الإنكليزية، صامويل فريمان. هذا الكتاب مجموعة من المحاضرات التي ألقاها جون رولز في أثناء تدريسه في جامعة هارفرد، طوال ثلاثة عقود، اهتمّ فيها بالفلسفة السياسية الحديثة، وسعى فيها إلى تحديد السمات الأساسية لليبرالية بصفتها تعبّر عن مفهوم سياسي للعدالة حين يُنظر إلى الليبرالية بمنظار تقاليد الدستورية الديمقراطية، متناولًا أصحاب نظرية العقد الاجتماعي هوبز ولوك وروسو، ومفكّرو الفلسفة النفعية هيوم ومِل. أما ماركس فرأى فيه رولز ناقدًا لليبرالية. يتألف هذا الكتاب (640 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من ستة أقسام، تضم تسعة عشر فصلًا، إضافة إلى ملاحق تضم خمس محاضرات عن جوزف بتلر: "التكوين الخُلُقي للطبيعة البشرية"، و"طبيعة الضمير وسلطته"، و"اقتصاد العواطف"، و"حجّة بتلر ضد الأنَوية"، و"التضارب المفترض بين الضمير وحبّ الذات". أخلاقية علمانية يشتمل القسم الأول، "هوبز"، على أربعة فصول. وفي الفصل الأول، "المحاضرة الأولى عن هوبز: الأخلاقية العلمانية عند هوبز ودور عقده الاجتماعي"، يرى رولز أن الفكر الأرثوذكسي لم يؤدّ دورًا جوهريًّا في آراء هوبز: "وأرى، إذًا، أن جميع الأفكار التي استخدمها هوبز، مثل فكرة الحق الطبيعي والقانون الطبيعي، وحالة الطبيعة، وما إلى ذلك، يمكن تعريفها وتحليلها بمعزل عن أي خلفية لاهوتية. وكذا الحال أيضًا في الحالة المتعلّقة بمضمون المنظومة الأخلاقية، إذ إن المضمون الذي أعنيه هو ما تقوله مبادئه حقيقة. وهذا يعني أن مضمون قوانين الطبيعة، التي يأمرنا العقل الصحيح باتباعها، وكذلك مضمون الفضائل الأخلاقية، كالعدالة والشرف، وما إلى ذلك، يمكن تفسيرها جميعًا من دون اللجوء إلى الافتراضات اللاهوتية، ويمكن فهمها ضمن المنظومة العلمانية". يقول رولز في الفصل الثاني، "المحاضرة الثانية عن هوبز: الطبيعة البشرية وحالة الطبيعة"، إن هوبز يعمد إلى إظهار ماهية الطبيعة البشرية عبر السمات الأساسية والقدرات والرغبات والعواطف الأخرى للبشر التي نلاحظها الآن في المجتمع المدني. وبذلك، يفترض، وفقًا لمقاصد عقيدته السياسية، أن هذه السمات الأساسية للطبيعة البشرية محدّدة أو راسخة بهذا القدر أو ذاك. ولا يُنكر هوبز أن المؤسّسات الاجتماعية والتعليم والثقافة في إمكانها تغيير أهوائنا وتحويل أهدافنا، لكنه يفترض، وفقًا لمقاصد عقيدته السياسية، أي منظومته الأخلاقية العلمانية، أن وجود المؤسّسات الاجتماعية، خصوصًا وجود حاكم فاعل، يغيّر ظروفنا الموضوعية؛ ومن ثمّ يغيّر ما هو حكيم وعقلاني بالنسبة إلينا لنفعله. تفكر عملي يرى رولز في الفصل الثالث، "المحاضرة الثالثة عن هوبز: توصيف هوبز للتفكّر العملي"، أن التفكّر العملي عند هوبز هو التفكّر في ماهية الأمر العقلاني الذي ينبغي فعله. فقوانين الطبيعة تصوغ مبادئ التعاون النزيه، أو تثير فينا الرغبة في فضائل العقلية وعاداتها، مثل السعي إلى السلام، والدفاع عن النفس، والاستعداد للتنازل عن الحقوق، وحفظ العهود، والامتنان، والتكيّف مع الآخرين، والمسامحة، والعفو، والاعتراف بالآخرين بوصفهم مساوين لنا، وعدم الاحتفاظ بحق لا نقتنع بأنّ على الآخرين امتلاكه. ويرى رولز أنّ اتّباعنا هذه المبادئ أمرٌ عقلاني، على أنْ يتبعها الآخرون. ودور الحاكم هو ضمان اتباع عدد كافٍ من الآخرين لها. يقول رولز في الفصل الرابع، "المحاضرة الرابعة عن هوبز: دور الحاكم وسلطاته"، إن رؤية هوبز المتعلّقة بدور الحاكم "تعني تكريس، بالتالي صون، تلك الحالة الاجتماعية التي يحتكم فيها الجميع، طبيعيًا واعتياديًا، إلى قوانين الطبيعة، التي يسمّيها هوبز حالة السلام. يكرّس الحاكم المجتمع عبر فرض عقوبات فعلية تُبقي الجميع في رهبة. إن المعرفة العمومية بأنّ الحاكم فاعل هي التي جعلت إطاعة كل شخص هي أن لقوانين الطبيعة بالتالي عملًا عقلانيًّا. إنه يمنح الجميع ضمانة بفرض قوانين الطبيعة. وسيُذعن كثير من الناس بالنتيجة، عارفين أن الآخرين سيُذعنون معهم". طبيعي وشرعي وطبقي يضمّ القسم الثاني، "لوك"، ثلاثة فصول. وفي الفصل الخامس، "المحاضرة الأولى عن لوك: عقيدته المتعلّقة بالقانون الطبيعي"، يلاحظ رولز أن تصوّر لوك للقانون الطبيعي يُقدِّم مثالًا عن نظام مستقلّ للقيم الأخلاقية والسياسية "التي تُكرّس، عبر الإحالة عليها، أحكامنا السياسية بشأن العدالة والمصلحة العامة. الأحكام الصحيحة أو المنطقية صالحةٌ، أو دقيقة، في ما يتعلّق بهذا النظام، ويتحدّد مضمونها بقدر كبير، عبر القانون الأساس للطبيعة بوصفه قانون الربّ. بذا، فإن رأي لوك يتضمّن تصوّرًا عن التبرير متمايزًا من التصوّر المتعلّق بالتبرير العمومي في العدالة كإنصاف بوصفها صيغة من الليبرالية السياسية".