وصف الكتاب:
صدر مؤخرا كتاب «مازلت أنتظر الاعتذار» حوارات للكاتب النمساوى الأشهر «بيتر هندكه» فى الأدب والسياسة والثقافة، قدمها وترجمها إسكندر حبش، عن دار خطوط وظلال بالأردن. ويتضمن الكتاب مجموعة من الحوارات التى أجريت مع أو عن «بيتر هندكه» وتتضمن مواقفه ورؤاه من العديد من القضايا. وفى مقدمة الكتاب كتب إسكندر حبش تحت عنوان «بيتر هندكه.. الوعى والتساؤل»: «يُستحسَن ألَّا نُضيِّع وقتنا فى البحث عن مسوِّغات نقديَّة لوصف عمل الكاتب النِّمساوى بيتر هندكه، فهو ببساطة كاتب كبير ومهمٌّ، بل لِنَقُلْ: إنَّه كاتب أساسى لنتمكَّن من فهم تاريخ الحساسيَّة الأوروبيَّة الَّتى تموضعت منذ العام 1965، تاريخِ نشر روايته الأولى «الدَّبابير». فهو مُذ ذاك الوقت، لم يتوقَّف عن الكتابة فى مختلف الأنواع الأدبيَّة: سِيَر ذاتيَّة، تجارِب شعريَّة، قصص سرديَّة تستمدُّ عوالمها ومناخاتها من أحداث ووقائعَ حقيقيَّة، قصائد، أدب رحلات، تحليلات متعرِّجة لهذه «الأنا» الَّتى تُشكِّله، مسرحيَّات، يوميَّات حميمة، ملاحظات حول شتَّى الموضوعات، سيناريوهات أفلام، وخاصَّة سيناريوهات أفلام فيم فندرز، مقالات ومواقف (تمثَّل فى كتابه «العدالة من أجل صِربيا» الَّذى دافع فيه عن صِرب البوسنة وعن قضيَّتهم) مناقشات لأعمال الآخرين، وهى مناقشات أثارت جدلًا واسعًا. وإن دلَّ هذا التَّنوُّع على شىء، فهو يدلُّ على قدرة هندكه على الدُّخول عميقًا، إلى قضايا عصره، وإن كنتُ لا أقصد هنا، أنَّه «كاتب ملتزم»، بحسب المفهوم الشَّائع. تنوُّع هندكه هذا، يتأتَّى من حبِّه للصِّدام والإزعاج وإقلاق الآخرين، بل لِنَقُلْ: إنَّه يحبُّ «توبيخهم» وإثارة حالة من الوعى والتَّساؤل داخل عقولهم «الصَّدئة» قليلًا، وذلك عبر اتِّجاهه إلى تساؤلات ميتافيزيقيَّة حول نبتة من العشب، أو عبر متابعته بعناد مفكِّرِ ما قبل- سقراطى، أو تصاعد الظِّلال عند المساء أو حتَّى ذوبان الثُّلوج على أحد أرصفةِ «كالامار» (الضَّاحية البَّاريسيَّة الَّتى أقام فيها فى سبعينيَّات القرن الماضى). وُلد بيتر هندكه فى العام 1942 فى مدينة «غريفن»، فى الجزء النِّمساوى غير البعيد عن يوغوسلافيا السَّابقة. وكان طوال حياته شخصيَّة مفارقة وغير معقولة. اكتشف الأوروبيُّون جرأته وتجديده الأدبيَّ مع كتاب «الرِّسالة القصيرة لوداع كبير» العام 1976، الَّذى نجد فيه عبر حديثه عن رحلة قام بها رجلٌ انفصل عن زوجته إلى الولايات المتَّحدة كلَّ مناخات هندكه؛ أى نجده حاضرًا بشكل متكامل، حيث نقع على نظرته القاطعة وأفكاره حول معنى الطُّرقات والأوتوسترادات والمناظر الطَّبيعيَّة والعمرانيَّة الجديدة، الَّتى نكتشف من خلالها ملاحظاته المدهشة حول الوِحدة المعاصرة.