وصف الكتاب:
يتعلق موضوع هذا السفر بالفلسفة والتصوف خلال عصر "الإقطاعية العسكرية" الذي شهد تدهور الفكر الإسلامي - عموماً - وإنحطاطه كما أوضحنا في المجلد السابق، وبديهي أن تتأثر الفلسفة والتصوف بتلك المعطيات السلبية النكوصية؛ بل كان هذا التأثر أشد وأنكى مما حل بالمعارف الأخرى. تمثل الفلسفة - كما نعلم - أعلى وأرقى درجات التفكير؛ لتجريديتها وتقديمها رؤية شاملة للكون والحياة، ويشاركها التصوف هذا التوجه - لا من حيث درجة التفكير - بل لكونه منتشراً في قطاع عريض من البشر، فإذا كانت الفلسفة دين الخواص؛ فالتصوف دين الخواص والعوام في آن. وإذا كان التفكير الفلسفي لا يتجاوز في الغالب رؤى أصحابه؛ فإن التصوف طريقة حياة ونظام سلوك، وأثر - إيجاباً أو سلباً - في دائرة أوسع من تأثير الفلسفة؛ خصوصاً إبان عصر حجر فيه على التفلسف وجرم الفلاسفة واضطهدوا، ليصبح التصوف أيديولوجية للحكام والرعية في آن.