وصف الكتاب:
رجل قانون، وتربوي، وتاجر لؤلؤ، وإداري، وتنويري.. تعدد أدوار وانتقالات، تتزامن في تراتبيتها بوطن في طور النهوض، بكل انتقالاته، وقفزاته، وصعوباته. ومع أنها مسيرة إنسان تناغمت محطاته الحياتية مع تلك التي كان الوطن الحاضن يشرأب بعنقه إليها، إلا أنها «بانوراما» موسعة على مختلف الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والإدارية التي كانت البحرين تعيشها، والتي سردت في كتاب صدر حديثًا عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، تحت عنوان «سالم عبدعلي العريض.. حصاد التجربة والأدوار الصعبة»، أعدّه وحرّره الدكتور أحمد العريض والدكتور وسام السبع. فعبر ثمانية فصول، وملحق أرشيفي يحوي مجموعة من الوثائق والقصاصات، يتتبع الكتاب سيرة العريض، منذ بدايات العائلة الأولى، وصولاً إلى ظروف مولدهِ بعيدًا عن وطنهِ الأصل، حتى رحيله، وذلك بالاعتماد على أرشيف من الوثائق القديمة التي تعود لصاحب السيرة، والذي كان السبع مأخوذًا بحجم نفائسه وأهميتها النوعية، كما يقول في مقدمة الكتاب، مبينًا أن هذا الأرشيف يتجاوز في قيمته الحدود الشخصية «لتلامس أفقً أكثر رحابة وأوسع مدى، إذ يمكن اعتبار هذا الأرشيف -في مضامينه وغنى محتواه- شكلاً من أشكال التاريخ الموازي للوطن، بشخوصه وأماكنه وأحداثه وتحولاته الكبيرة ومنعطفاته الفارقة، يوم كانت البلاد تسير بخطى ثابتة نحو بناء الدولة، وتشق طريقها نحو الاستقلال والانطلاق كدولة فتية ستحظى بعد حين باحترام دولي وبمكانة فريدة بين أشقائها في العالم العربي والإسلامي». وهذا ما يؤكده أحمد العريض، في تقديمه للكتاب، إذ إن «حياة الأستاذ سالم العريض، تعتبر بشكل أو بآخر الصيغة المثالية الرائعة للمسار التاريخي الذي سلكه أبناء البحرين وهم يجتازون -بعناية ومشقة- المسافة الحضارية والاجتماعية بين مرحلة زمان صيد اللؤلؤ بإيقاعها الرتيب وظروفها الصعبة، إلى ضفاف عصر النفط بعائداته الوفيرة، ووتيرة التحديث والتنمية الصناعية، والتأسيس الإداري المتزايد والسريع»، وهو إلى جانب ذلك يعد «من طلائع المثقفين البحرينيين الذين تلقوا تعليمًا عاليًا في الهند إبان الربع الأول من القرن العشرين، ومن الرعيل الأول الذين حملوا مشعل التنوير الثقافي في أكثر من موقع، وساهموا بقسط وافر في دعم الانطلاقة الطموحة للتعليم النظامي في البحرين...»، كما يذكر السبع. ويقدم الفصل الأول «بومباي.. سحر البدايات»، لمحة تاريخية عن «بيت العريض»، مرورًا بالعلاقات التجارية التاريخية بين الهند والعرب، وصولاً إلى «أسرة العريض في الهند»، مبينًا أن صاحب السيرة -كما كتب بقلمه- ولد في عام (1902)، في مدينة بومباي، إذ يقول: «تلقيت دراستي الابتدائية والثانوية والعالية في مدارس ومعاهد بومباي». وقد درس العريض القانون، وعمل في المحاماة، وهذا ما يرصده الفصل من حياةٍ مبكرةٍ للعريض حتى عام (1930). ليجيء بعده «في ربوع الوطن؛ المنامة»، وهو عنوان الفصل الثاني، فبعد الكساد الذي منيت به تجارة اللؤلؤ، وظهور اللؤلؤ الصناعي، والكساد الاقتصادي العالمي، عاد عدد من التجار البحرينيين في الهند إلى البحرين، وقد «جاء قرار الأستاذ سالم العريض بالعودة والاستقرار في البحرين على خلفية هذه التحولات الاقتصادية الكبرى. وكان لوفاة والده تأثير حاسم عليه، دفعه لتصفية أعمال الأسرة وحسم أمر العودة إلى أرض الوطن». لتنطلق مسيرته على الصعيد المحلي، إذ عمل في الجمارك، كما بزغ نجم اشتغاله الثقافي والتنويري سواء عبر الكتابة أو الإذاعة، إلى جانب توظيف خبراته في اللؤلؤ. ويتتبع الفصل الثالث، المعنون بـ«مسيرة التعليم»، إسهمات العريض على مدى عقد ونيف، في الانطلاقات الأولى للتعليم في البحرين، إذ تلي تلك الفترة اشتغاله «في محاكم الدولة»، وهو عنوان الفصل الرابع الذي يرصد الفترة الزمنية من (1944-1745). فيما خص الفصل الخامس «أبوة ملهمة» للدور الذي لعبه في حياة أبنائه، وسيرة مقتضبة عنهم. أما الفصل السادس «كتبٌ مسطورة.. تراثٌ فكري»، فيتناول مكتبة العريض والكتب التي احتوتها باللغة العربية والأوردية والإنجليزية، إلى جانب استعراض جوانب من كتاباته في الصحافة، ثم الكتاب الذي ألفه باللغة الانجلنزية، المعنون بـ«الأحكام الإسلامية وتطبيقاتها العملية في الهند البريطانية والخليج العربي»، وبعد هذا العطاء الكبير على مدى ثمانية عقود، يصل الكتاب إلى فصلهِ السابع «الشمس الغاربة؛ أصداء الرحيل»، موثقًا رحيل العريض في (2 سبتمبر 1982)، ومستعرضًا في الفصل الأخير شهادات لعددٍ من الرجالات كمبارك الخاطر، وعبدالكريم العريض، وغيرهما.