وصف الكتاب:
من المعلوم أن التارخ نسيجٌ مهم وحدثٌ ملازم للوجود للبشري لذلك وجب الإهتمام به، والحقيقة التاريخية تشمل على حدّ سواء الفرد والمجتمع، ولا مستقبل لشيء لا تاريخ له، كما أن الإنسان ليس عبارة عن وجود آتٍ فقط، فمثلما أن حرمان شخص ما من تاريخه الشخصي يسبب له جراحاً عظيمةً فإن اقتطاف أمة من تاريخ ودمجها في تاريخ أمة أخرى يسبب مشكلة لا تقل جسامة عن تلك الجراح، وبعبارة أخرى يمكن أن تقول: إنّ حياة أمة مقطوعة عن تاريخها يتم الإستيلاء عليها، ضرورةً، من قبل تجارب الأمم الأخرى وعاداتها وقيمها. إذا كانت كلمة بيوغرافيا تُطلق على ماضي الفرد المتكون من البيئة والمدينة التي عاش فيها وطبقته الإجتماعية ونحوها من المكونات، فإن كلمة تاريخ تطلق على ماضي المجتمع ككل، وبالتالي فإن حاجة الفرد للتاريخ تُماثل تماماً حاجة المجتمع له. وهذه الحاجة تصدى لسدّها أهل العلم الرّواد من خلال مُصنَّفاتهم الأبدية، حيث إن تصانيفهم تمتاز بخاصيات تميزها عن غيرها وتحصنها من التّقادُم لعل أهمها قابلية هذه المصنفات للدخول إلى روح التاريخ والجغرافيا. هذا البحث عبارة عن محاولة لإثراء الخزينة العلمية بأثر مهمّ لعالم نَسَفِيّ ينحر من ثقافتنا وتقاليدنا الحنفية المارتوريدية، وُلد أبو البركات النَّسفي، أحد المصنفين المُكثِرين في الفكر الحنفي الماتوريدي في البيئة الثقافية الثرية لبلاد ما وراء النهر، وصَنّف في أغلب الفروع العلمية الإسلامية المعروفة في زمانه، كما احتلت مُصنفاته مكانة بين المصنفات الكلاسيكية وتم إعتماد كُتبه كمراجع أساسية في التدريس.