وصف الكتاب:
مما لا شك فيه أن القصة تعد اقدر الاساليب الادبية على تمثيل الاخلاق، وتصوير العادات، ورسم خلجات النفوس، كما انها-اذا شرف غرضها ونبل مقصدها- تهذب الطباع وترقق القلوب، وتدفع الناس الى المثل العليا والقيم النبيلة: كالايمان والواجب والحق والتضحية والكرم والشرف والايثار. ذلك ان القصص على اختلافها ولا سيما المحكمة الدقيقة منها تطرق السمع بشغف، وتنفذ الى النفس البشرية بسهولة ويسر، وتسترسل مع سياقها المشاعر فلا تمل ولا تكل، ويرتاد العقل عناصرها فيجني من حقولها الازاهير والثمار. ذلك ان في القصة سحراً يسحر النفوس، وقد يكون ذلك بسبب انبعاث الخيال الذي يتابع مشاهد القصة واحداثها ويتعقبها من موقف الى موقف، او بسبب المشاركة الوجدانية لاشخاص القصة وما تثيره في النفس من مشاعر تتفجر وتفيض، او بسبب انفعال النفس بالمواقف، حيث يتخيل السامع للقصة نفسه داخل الحوادث ومع ذلك فهو ناج منها متفرج من بعيد. واياً كان الامر فلا شك ان قارئ القصة او سامعها لا يملك ان يقف موقفاً سلبياً من شخوصها وحوادثها، فهو على وعي منه او غير وعي يرى نفسه على مسرح الحوادث، ويتخيل انه كان في هذا الموقف او ذاك، ويروح يوازن بين نفسه وبين ابطال القصة فيوافق او يستنكر، او يملكه الاعجاب، او يتمنى ان يكون مكان احد الشخوص الطيبين او الابطال الذين يقهرون الشر والظلم ويدافعون عن الحق وعن الضعفاء وعن القيم النبيلة التي تهدف القصة الى ابرازها. واذا كنا نسلم باهمية القصة ودورها الواضح في التوجيه التربوي، فان علينا ان نقرر في هذا الشان انه ليس من المقبول سرد القصة كيفما اتفق، بل لا بد من الوقوف على الطريقة التربوية التي يجب ان يتم نسج القصة وسردها على اساسها، ويتمثل ذلك بايراد المواقف التي لها علاقة بالغرض الذي سيقت القصة من اجله، والتغاضي عما عداها من التفاصيل، وان تقحم النصائح والعظات في ثناياها، كيلا يندمج السامع مع الاحداث بكل تفكيره، وينسى المقصد الاصلي للقصة، فاذا فقدت هذه العناصر، غاب عنصر التربية والتوجيه منها بسبب تغلب الاحداث فيها على ما في مضمونها من عبرة ومعنى. أما هذا الزاد فقد اجتهدت في اختيار محتوياته وتنويع موضوعاته، لتشمل العبر والمواعظ والحكم والأمثال والأدب واللغة والفكاهة والنوادر…وغيرها من الموضوعات الشيقة التي تدور حول أهداف تربوية سامية ولابد أن أشير إلى أنني قد تصرفت في بعض هذه القصص وفق ما رأيته مناسباَ لأسلوب هذا الكتاب وللغرض الذي أردته منه، فعدلت وبدلت في بعض الأفكار والعبارات، واختصرت بعض القصص الطويلة المملة، دون الإخلال بجوهرها أو بمضمونها العام .سيما وأن الكثير منها آخذه من كتاب أو سمعته من الأفواه. .