وصف الكتاب:
حكايتي مع السنابل! منذ سنوات، كنت جالسًا مع ثلاثة من زملائي الأفاضل بغرفة المعلمين بإحدى المدارس الأهلية بالرياض، وكان الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي، فسألني أحدهم عن سبب اختياري للسنابل كصورة شخصية لي.. فأجبت بأن السنابل عندي تمثل رمزًا للحياة وبعض قيمها النبيلة كالعطاء والتواضع، ويكفي أن الله تعالى ضربها في قرآنه مثلًا للإنفاق في سبيله ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 261] الآية، لذلك اخترتها ولم أغيرها من يوم أن دخلت هذا العالَم الافتراضي لأول مرة في الرابع والعشرين من فبراير ٢٠١١م، ولن أغيرها حسب المواقف أو الأحداث ما دمت حيًّا! واستطردتُ في الحديث يومها مع زملائي أن أحَب ربع في القرآن إلى قلبي هو ربع ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ بسورة البقرة، مع آيتين قبله، وثلاث آيات بعده من أول ربع ﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾؛ وذلك لحلاوة الحديث في هذه الآيات الكريمة عن فضل الصدقة، وكم أستمتع بها وأنا أستمع إليها في ترتيل أصحاب الفضيلة المشايخ المنشاوي والحصري والبنا، رحمة الله عليهم، أصحاب أحَب ثلاثة مصاحف ترتيل إلى قلبي، وهم أول من عرفتُ في حياتي من أهل القرآن على الترتيب المذكور، بل من أحَب فقرات قرآن السهرة إليَّ فقرة الشيخ الحصري بدءًا من الآية ٢٦١ من سورة البقرة، وهي الآية المذكورة، وحتى نهاية السورة.. حتى وأنا أقرأ السورة الكريمة، عندما أنتهي من الآية ٢٦٠ أتهيأ تهيئة خاصة جدًّا للموضع المتبقي منها! وهناك سبب آخر، مهم وجوهري، وهو هذا المثل النبوي الرائع للسنابل: روى الإمام أحمد في مسنده عن جابر، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «مَثل المؤمن مَثل السنبلة تستقيم مرة وتخِر مرة، ومثل الكافر كمثل الأَرْزة لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر». (صححه الألباني في «صحيح الجامع» برقم ٥٨٤٤) [الأَرْزة: واحدة الأَرْز، وهو شجر يشبه الصنوبر، وقيل هو الصنوبر] هذا بخلاف البيئة الريفية التي نشأت بها، مما جعلني أعيش مع سنابل القمح عيشة خاصة ومتميزة، وكبـِرْتُ وكبـِرَتْ تلك المعاني معي إلى يومنا هذا.. ولا أزال أذكر تعليقًا لأحد بلدياتي (الدمايطة)، أبناء المحافظة الحبيبة العظيمة، على صورة السنابل التي يزدان بها (بروفايلي) الشخصي، قال لي فيه: «يا سلام ع الغيط اللي انت مقعدنا فيه». وأخيرًا، وعلى المستوى الأدبي، وقبل ٢٣ عامًا كنت قد كتبتُ قصيدة أعتبرها أروع ما كتبت، ذكرت فيها ألفاظ (الحقل) و(الخُضرة) و(البراعم) و(الظل) و(البذور) و(العصافير) و(الفراشات) و(النهر) و(المطر) و(النسيم) و(الندى).. وأخيرًا (النيل)، ولأني أعتبرها أحَب قصائدي إليّ، وأعَز أعمالي الأدبية عليّ، وبمثابة الابنة الأثيرة لديّ، فلم أجد عنوانًا لها خيرًا من «السنابل». أكثر قصيدة ألقيها مع نفسي وأنا أتمشى أو بالسيارة أو بغرفتي، سارحًا مع أحد التابلوهات الفنية الذي لا أمل من مشاهدته وتأمُّل مفرداته وجُمله في رحلة هادئة جميلة! والآن أترك حضراتكم، سيداتي وسادتي، مع ديواني الأول الذي يحمل عنوان قصيدتي العزيزة «السنابل». مع التحية والتقدير.