وصف الكتاب:
يُعتبر العنوان أهمّ عناصر النّصّ الموازي، وعتبته الأولى، فإنّ الشاعر لم يختر عنوان الديوان بشكل اعتباطيٍّ، بل أجهد نفسَه لاختياره في عمليّة ميتاشعريّة نقديّة، ليختار عنوان قصيدته الثالثة “أنفاس العدم” عنوانًا لمجموعته ليجعلنا نتساءل: هل للعدم أنفاس؟ فنجد الإجابة في الإهداء “للعاطلين عن الأمَل مثلي. تودّدتُ إلى الحلُمِ فبكى، أنَذوب في خلّاطِ التَّهويد ونشتري للزمنِ عضّاضَة؟!” جعل منتصر للعدم أنفاسًا تطير وتحلّق كالفراشات التي نراها على لوحة الغلاف الأزرق، لون السّكينة والهدوء النّفسيّ، مَبعث الأمل. كي تكونِ أديبًا وشاعرًا في يومِنا، عليك أن تكون مثقّفًا، وكي تكون مثقّفًا، عليك ان تكون قارئًا ثم قارئًا ثم قارئًا، ومنتصر نِعمَ المُثقّف – فقدْ أخذني معَه بسلاسةٍ ولباقةٍ، ودون تكلّفٍ إلى عالمِه، روّضَ الأسطورةَ في شعرِه لتخدم فكرةً أرادَ إيصالَها ونجحَ بمهارةٍ دونَ مواربةٍ ورياءَ. عنوَن إحدى قصائد الديوان “نرسيس لم يمت”(ص.108) وأخذني إلى رواية “نرجس العزلة” للأسير باسم خندقجي؛ يُعيدني العنوان إلى الأسطورة اليونانيّة ونرسيس الذي عُرف ب”نركسوس” أو نرجس الذي كان مصدر إيحاء لنظرية العقدة النرجسية لسيجموند فرويد التي تقول بأن نرجس يمثل الشخص الذي يعجب بنفسه ويعتز بها لدرجة تُنسيه إعجاب الآخرين به، وتُنسيه أيضًا حبّه وإعجابه بالأخرين، والذي يؤدي في النهاية، لانسلاخه عن المجتمع الذي يعيش فيه وتكون نهايته حينئذ الموت أو الفناء: “صورتي في الماءِ لا تُشبهني كأنّها تقول لي: نرسيس لم يمُتْ نثرَ الرمادَ على سجيتِه وانتظَر فيا نرجِسُ، من قتلَك؟ ….. نرسيس لم يمُتْ همسَتْ في أذني: نرسيس مات فينا”