وصف الكتاب:
جاء الإسلام منظماً حياة الفرد المسلم، مربياً إياه التربية السليمة، التي تبدأ بتسلح المسلم بالقوة بأنواعها المختلفة، قوة إيمان يصل بها الإنسان إلى التضحية، وقوة جسد تعد من أسس النجاح والانتصار على العدو المتربص، وقوة اقتصادية ترفد القوة الجسدية وتعضدها، وقوة اجتماعية تتجمع هالة من نور الإيمان. فتتوحد أشعته تحت راية واحدة، ترتفع عالياً مرفرفة فوق الرؤوس، فتمد أصحابها بكل ما يحتاجونه إليه من دوافع تنقذهم من مهاوي الردى، وتملأ نفوسهم بسعادة الانتصارات التي تترى، لذلك كله امتدت أفكار المصنفين والعلماء بجذورها عميقاً تستمد من نور الإيمان ما يتسربل به كل مخلص من هذه الأمة، وتنوعت بذلك مصنفاتهم يقيمون بها الأود. ولعل المصنفات التي تتعلق بتنمية القوة الجسدية لم تأخذ حظها كغيرها من العلوم، لذلك تأتي أهمية هذا المخطوط الذي نتناوله بالتحليل، إذ اننا فقدنا هذه القوة، وان كنا نأخذ منها بسبب وان كان ضعيفاً، فهل نمد طموحنا إليه، علنا نقوي الأسباب التي تدفعنا إلى التسلح بهذه القوة، فنعيد سيرتها الأولى بعد ان تاهت بنا سبل الحياة. هذا المخطوط الذي يعد من كنوز مكتبة المخطوطات في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، ويحمل عنوان: «القول التام في فضل الرمي بالسهام» لمؤلفه السخاوي. ؟ المؤلف: هو محمد بن عبدالرحمن بن محمد، السخاوي، شمس الدين، مؤرخ حجة، عالم بالحديث والتفسير والأدب، فقيه مقريء، محدث، مشارك في الفرائض والحساب، وأصول الفقه والميقات، ولد في القاهرة في سنة 831هـ ووفاته بالمدينة سنة 902ه. ساح في البلدان سياحة طويلة، وصنف زهاء مئتي كتاب. من أشهرها الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع والمقاصد الحسنة في الحديث، والاعلان بالتوبيخ لمن ذم التأريخ، التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة، والقول التام في فضل الرمي بالسهام وغيرها. يتناول المؤلف في هذا الكتاب أهمية التسلح بالقوة العسكرية، ويرى ان الرمي بالسهام من أنواع تلك القوة المهمة، وعده من أجل أنواع الفروسية، لكونه في العدو انكى وابلغ في حلول الانتقام والبلية، حيث قال القائل من الأوائل: نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا ما لم ينالوا بحد المشرفيات فهي ان قربت أنكت، وان بعدت أهلكت، مع ما في الرمي من الفضائل الجمة والمحاسن المستفيضة في الأمة، لذلك حث عليه الإسلام ودعا إليه، وانتدب للقيام به كل فارس بطل، وزغب فيه، وطلب من المسلم تعلمه وتعليمه لمن لا يعلمه، ووضع المؤلف طريقة تعلمه، وأسلوب الرمي به، وكيفية اطلاقه، وحالة الرامين ليتمكن من انفاذ رميته واصابة هدفه، ولم ينس ان يذكر الرامي بالثواب المترتب على تعلمه واتقانه. كما حذر من علمه من تركه، ذاكراً ما يقال للرامي وما يدعى له به، مدللاً على التصيد به والمسابقة فيه، معرجاً على أول من رمي به من العرب، وذكر جماعة ممن كان يعانيه من صحابة رسول الله، وموضحاً ومفسراً أنواع آلات الرمي وما يتعلق بها مما ينفع متعلم الرمي، ومسمياً ما عرف من قسي الرسول ونباله وغيرها من آلات. ولم يدع حديثا استشهد به دون ان يوضح صحته أو ضعفه، مسجلاً في اثناء ذلك نفائس الاخبار، وظريف الاشعار، ولطيف الاخبار، وقد ذكر في نهاية ديباجته انه عدل عن عقد باب في كيفية الرمي وآدابه، لكثرة ما ألف فيه وقدم المؤلف كتابه هذا الى سلطان عصره، غير انه لم يذكره صراحة، وانما أورد في ديباجته قوله: «ومولانا السلطان أعلم في ذلك، بل في سائر الفروسية قدراً». كما ذكر في ديباجته الدافع الذي جعله يدبج الكتاب، حيث ذكر ان فضيلة الرمي قد عطلت، فحتى يعود إليها المسلمون ويدركون أهميتها وفضلها في الحياة، لابد من وضع كتاب فيه يذكرهم به، ولان فارس الإسلام سلطان المسلمين يحث على ذلك، أحب ان يتحفه «في فضل الرمي بكتاب بديع صنفه فيه، ليتزايد شكره لله عز وجل فيما أرشده إليه مما يميل إليه ويقتفيه بعد ان اذكر بين يديه مما يقوي رغبته واقباله عليه ذكر حكاية من الشواهد في اقتضاء الرماية». ان اهتمامات المؤلف تمتد جذورها في أعماق الزمن، فالتاريخ أكثر ما عرف به السخاوي، لكن ذلك لا يعني انه ترك ما عداه من العلوم، لذلك نرى ان الصبغة التاريخية هي المسيطرة على هذا الكتاب، اضافة إلى الأحاديث الشريفة التي تختص بهذا الموضوع، لذلك نجده يعتمد في كتابه هذا على كتب الحديث، وعلى كتب الأدب، وعلى كتاب سيرة الرسول لابن اسحاق، وغيرها من كتب تتعلق بهذا الموضوع