وصف الكتاب:
هؤلاءِ المُبدعاتُ نجماتٌ ساهراتٌ! مُصادفةً وأنا أُمرّنُ زورقي القَلِقَ في بحارِ الكلماتِ، لمعنَ في سماءِ أخيلتي، وأخرجنَ ذاكرتي من مياهِ النسيانِ، فوجدتهنّ ضيفاتٍ رشيقات مُموسقات الظلّ، وبهيئةِ عابداتٍ ناسكاتٍ، داهمنَ حدائق مُخيلتي المبدّدة بعطرهنّ الإبداعي، وصخبهنّ الأنثويّ الضروريّ، كحماماتٍ بأجنحةٍ مِن ذهبِ الوقتِ، أشرعتُ إليهنّ- طائعاً- نوافذَ القلب، وتسلّلَ همسهُنّ الأوركستراليّ - وهوَ يأخذُ شكلَ القصيدةِ- إلى أصابعي، ويوقظُ أوتارَ قريحتي بأنغامٍ لا تليقُ إلا بكلماتهنّ السحريّةِ.. أتينَ بكلِّ حماسِ خطواتهنّ الربيعيّة، ليضفنَ إلى ذبذباتِ أصابعي إيقاعاتٍ هادئةً، كانتْ ثمرتها هذهِ الوقفات الضوئية المتأنية.. وهذهِ الرؤى الممغنطة بخيالٍ شعريّ، وأنا أقفُ بخشوعِ الراهبِ عندَ محطاتِ همومهنّ - نزيفهنّ المُقدّس، إبداعاتهنّ، وهي بكلّ شروطِ الحريةِ والإبداعِ والحياة، وقدْ تنوعتْ بينَ القصيدة المتمرّدة، والقصّة القصيرة المتفردة، والرواية الّتي هي صدىً لضحكةِ الإلهِ- كما عبّرَ «ميلان كونديرا». لقائي ببعضهنّ عبرَ منطادِ الخيالِ، قدْ أخذَ شكلَ التلغرافات الشعرية، «هايكو» حميمي، والبعض الآخر رتّبت لي الكلماتُ موعداً صباحياً ممطراً معهنّ في حضرةِ ربيعٍ سارقٍ بامتيازٍ كلّ تيجانِ الفصولِ، فكانَ اللقاءُ بهنّ شعرياً إبداعياً مخمليّ اللحظاتِ، تحياتهُ الطازجة كانت هذهِ الكلمات- التأمُّلات- الرؤى الاحتفائيّة النقدية معاً، بما فاضتْ بهِ قرائحهنّ الصافية من لآلئ الكلماتِ، صافحتهنّ بالقلبِ، ومشينا معاً، تحرسُنا أخيلتنا، في طريقِ الحُلمِ، وأنا أباركُ إصرارهنّ على الحلم.. والحرية.. والإبداع.. وجنونهنّ بالكتابة -الحياة، والحياة- الكتابة! كلُّ أُنثى منهنّ تؤنثُ المكانَ بجدارةِ، مشبعة بماءِ قريحةِ فيلسوفنا العظيم ابن عربي وهوَ يقولُ: «المكانُ الّذي لا يُؤنثُ لا يُعوّلُ عليهِ»، وهيَ ترفعُ رايةَ بلدهِا- عنوانها الجغرافيّ، محيطها الّذي تسعى إلى إعادةِ العطرِ والفراشاتِ والشمسِ والأمطارِ إلى حدائقهِ، وتنتمي إليهِ.. رايةً خفّاقةً أبداً بالإبداعِ.. والحريةِ.. والتألّقِ.. والتواصل!