وصف الكتاب:
وزارة السعادة القصوى.....أروندهاتي روي سأخبركم الحقيقة الواضحة، أن تاريخ كل أمة يكمن في تفاصيل شعوبها، التاريخ الحقيقي، لا يكون في قرارات الساسة العنترية، والتي يحاولون بها خداع الملايين من شعوبهم، ولا تكمن في المعارك الضخمة التي ينشغل بها جمع من المؤرخين والكُتاب، إن التاريخ الحقيقي للأمم ينبع من مهمشيها، فهم من يعاصر الأزمات والنكبات ويتعرض للذل والهوان، ويرى صامتًا ما يحدث وينشغل الجميع بالمهم وينسى هؤلاء. وهنا تكمن قيمة الادب الحقيقية، أن يكون صوت من لا صوت لهم، أن يلقي الضوء ويسجل ويؤرخ تلك التفاصيل، وهنا تقوم أروندهاتي روي بتلك المهمة بكل اقتدار، فتسلط الضوء على التاريخ المعاصر لأمة عريقة ودولة مهولة كالهند من خلال حياة أحد مهمشيها، وهم طائفة المخنثين (الهيجرات)، والذين اتضح أن لهم مكانتهم المحفوظة في التراث الشعبي الهندي، لتنطلق في كتابة تأريخًا جديدًا لأمة عريقة، تأريخًا نابعا من البشر وموبقاتهم، تتحدث فيه عن الحب والعنصرية، عن التضامن والتنافر، عن الدين والجنس واللون، وما قد يفعله في تشتيت البشر كأقوى من سلاح نووي. الرواية عظيمة، درس كتابة متقن بليغ، الكاتبة فيه بتتجلى وتنسج من خيالها خيوط عنكبوتية قوية، مكونة من شخصيات وأحداث وتفاصيل، بتضعك في قلب المجتمع الهندي كأنك تشاهد ما تكتبه، رواية تكاد تقترب من عظمة أطفال منتصف الليل كقمة أدب الواقعية السحرية خارج بلاد اللاتين. ولا يحق لنا ذكر عظمة الرواية إلا بذكر اتقان وبلاغة الترجمة العربية اللي قدمها لنا مترجم محترف واع زي أحمد شافعي، ترجمة شافية وافية وسلسة للغاية، وهوامشها (على قلتها) مفيدة ومنيرة للقاريء أثناء القراءة.