وصف الكتاب:
ؤأخرى غير العقاب الأخروي ، إذ يظن الكثيرون أنّ العقاب يتعلق باليوم الآخر فقط ، في حين أنّ معاني العقاب القرآني قد استغرقت مساحات واسعة في الحياة الدنيا ، إذ ليس هناك صعيد إلاّ وقد وضع له القرآن منهجاً شاملاً ، من حيث حماية الأحكام الآلهية وحماية الحقوق المادية والاعتبارية للانسان أينما كان ، ووجدت أنّ الألفاظ القرآنية بهذا الشأن قد كثرت وتنوعت ولم تدرس من قبل بدراسة جامعية ، فجاء هذا الموضوع موضوعاً بكراً استحق منّي هذه الدراسة المتواضعة ، وبعد إجراء استقصاء شامل لهذه الألفاظ ، عانيت في جمعها مالا يعلمهُ إلاّ الله وحده ـ تبين أنّ المادة واسعة ، وألفاظها كثيرة فلهذا أجرينا تعديلاً بسيطاً في العنوان لتكون المادة أقل ، وبما يتناسب مع التعليمات الخاصة بتحديد صفحات الرسائل الجامعية ، فأصبح العنوان على النحو الآتي : ( الفاظ العقاب الدنيوي في القرآن الكريم ـ دراسة دلالية ) ، فبذلك فرض علينا العنوان إلاّ ندرس ألفاظ العقاب الآخروي ... . إنّ طبيعة هذا النوع من الدراسات اللغوية ليست جديدة ، في موروثنا اللغوي ، بل تعود إلى مراحل متقدمة في تاريخ هذا التراث الزاخر ، ولكن ليست بمستوى الدرس الدلالي الحديث ، فكتب المعاجم خير مثـال على أنّ العرب قد عرفت هذا العلم ، ذلك لأنّ المعجمي يدرس الكلمة وتطـورها وصيغها واسـتعمالاتها اللغوية الحسـية والمعنوية ولكن بصورة مختلطة ، فيصعب على القارئ أن يحس بمتابعة نمو المفردة عبر مراحل تطورها باتجاه الاستعمالات العديدة في الحياة اللغوية . ويمكن الإشارة إلى مرحلة أسبق من مراحل المعجمات ، أذ أَلَّفَ اللغويون القُدامى مجموعة من الرسائل اللغوية التي بيَنت مجموعة من الألفاظ ضمن الاستعمال اللغوي في مجال حقلا من الحقول الدلالية ، على نحو ما نجد في رسائل غريب القرآن وأقدمها كتاب غريب القرآن لأبي عبيدة ( ت 012هـ ) ، ورسائل غريب الحديث وأقدمها غريب الحديث للنضر بن شميل ( ت 022هـ ) ، ورسائل أخرى في الإبل وخلق الإنسان ، والسحاب ، والمطر ، ولحن العامة وغير ذلك ، فهذه الرسائل تشكل المنطلقات الأولى لولادة نظريـة الحقول الدلالية التي تؤطر مجموعة من الألفاظ ضمن مجال محدد ، لدراسة المفردة عبر استعمالاتها اللغوية، وعلاقاتها بمجال دلالات الألفاظ الأخرى، كل ذلك من أجل السيطرة على مدى إمكانية تحديد مسار الدلالات التي تأخذها الألفاظ من خلال مداليلها العديدة .