وصف الكتاب:
تعد الهوية أحد المواضيع التي تزايد الاهتمام بها في مجال السياسة الخارجية و العلاقات الدولية منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي و العشرين، بعد أن كان تفسير العلاقات بين الوحدات الدولية مقتصر و إلى حد كبير على عوامل مادية محددة كالقوة و المصلحة (المدرسة الواقعية). و يتطلب فهم السلوك السياسي الخارجي لأية دولة و علاقتها الخارجية، كما هو الحال مع سلطنة عمان، الوقوف على تأثير جملة من العوامل المحددة لتلك السياسة، و التي تشمل العوامل الداخلية، و الخارجية، و تلك المتعلقة بالقائد السياسي، حتى يمكن معرفة توجهات الدول في سلوكها السياسي الخارجي. و قد سعت الدراسة إلى التعرف إلى عامل الهوية و مكوناته البنيوية و أثره في صنع السياسة الخارجية للدولة، كما سعت إلى الوقوف على العوامل التي تسهم في بناء الهوية الوطنية لسلطنة عمان، و التعرف على منظومة صنع السياسة الخارجية العمانية، و على الثوابت و المرتكزات الأساسية لسياستها الخارجية، و دراسة الطبيعة المؤثرة لعامل الهوية في صنع السياسة الخارجية العمانية على المستويات الخليجية و العربية و الدولية. وذلك انطلاقا من فرضية مفادها أن العوامل التي أسهمت في تشكيل هوية سلطنة عمان لها تأثير واضح في صياغة أنماط سلوكها السياسي الخارجي، على المستوى الخليجي، و المستوى العربي، و المستوى الدولي. و اعتمد الباحث بهدف التثبيت من فرضية الدراسة عدد من مناهج البحث العلمي منها المنهج التاريخي، في متابعة و تحليل الأحداث والوقائع التاريخية التي مرت بها سلطنة عمان، من أجل الاستعانة بها في تفسير الواقع الحالي، و منهج التحليل النظمي باعتبار أن السياسة الخارجية هي نتاج لعوامل خارجية تكون بمثابة مدخلات (in puts)، تفاعلت مع وسط نظامي مؤسسي بصيغة عمليات (Process)، و ترتبت على عملية التفاعل هذه جملة نتائج يطلق عليها مخرجات عملية التفاعل (out puts)، و هي تمثل السلوك السياسي الخارجي للدولة بالإضافة إلى منهج اتخاذ القرار، باعتبار أن السياسة الخارجية لأية دولة ما هي إلا قرار، أو مجموعة قرارات تقدم عليها وحدات أو مؤسسات مسؤولة، و أن هذه القرارات تؤثر فيها عوامل عدة ذاتيه، و محلية، و إقليمية، و أخرى دولية. و قد توصل الباحث إلى أن هناك دورا تلعبه للهوية في التأثير على السياسة الخارجية لسلطنة عمان، قد يزيد أو يقل بحسب الحالة السياسية، و هو يخضع لتقدير القائد السياسي و دوائر صنع السياسة الخارجية، و في بعض الحالات قد تكون الهوية هي العامل الأكثر تأثيرا في توجيه السياسة الخارجية حيال قضايا معينة. و بقدر تعلق الأمر بسلطنة عمان، فإنها تنطلق في تفاعلاتها و علاقاتها على الساحة الدولية من مجموعة ثوابت و مرتكزات نابعة من مكونات هويتها الوطنية؛ و بالتالي فيمكن القول أن طبيعة الشخصية الوطنية للشعب العماني تشكل إحدى السمات المؤثرة في السياسة الخارجية لسلطنة عمان، و أن السلوك السياسي الذي تتبعه سلطنة عمان في مجالها الخارجي، و على الساحات المختلفة (الخليجية، و العربية، و الدولية)، يعبر عن الخصوصية العمانية، و عن هويتها السياسية.