وصف الكتاب:
لكل شعب سرديّاته، ولكل طبقة من الطبقات أو جماعة من الجماعات البشرية مرويّاتها. وغالبًا ما تكون هذه السرود، أو تلك المرويّات، مقبولة من لدن الجماعة التي تجمع تحت لوائها أناسًا ذوي ثقافات مختلفة، أو حتى متعارضة. فالحكاية، كل حكاية، بدأت من قبل، وستظل كذلك إلى الأبد، كما تجسّدها الجملة الشهيرة العابرة للثقافات التي اكتسبت طابعًا عالميًا وأبديًا: «كان يا ما كان». وأية حكاية لا تعرف بالتحديد نهاية ما، فكل راوٍ يندسّ في جلد راوٍ سبقه ويُسلم الحكاية إلى مستمع لن يعدم أن يصبح، فيما بعد، راويًا للحكاية بدوره،.. وهكذا، متوغّلين في عالم الحكايات الدائرية التي علّمتنا إياها «ألف ليلة وليلة».«السردية البديل alternative narrative»، كما يقترحها هذا الكتاب، هي سردية عربية تسعى إلى نقض السرديات الكبرى الوافدة إلينا حاملة بشارة التحرير والتنوير والسلام والعدل. ولأنها سردية مضادة، فإنها تهدف بالأساس إلى تفكيك مقولات السرديات الكبرى، وزعزعة مركزيتها (الأوروبية غالبًا) والتشكيك في أيديولوجياتها، وذلك عن طريق تحليل مجموعة من الخطابات والإستراتيجيات والحيل والأساليب الفنية أو الجمالية التي تجد تمثيلاتها النصّية الدالّة في قطاع عريض من النصوص السردية المصرية والعربية الجديدة التي أخذت في التواتر مع العقد الأخير من القرن العشرين، وازداد هذا التواتر حدّة مع الألفية الجديدة. في هذا السياق، لا يعني مصطلح «السرديات narratives» القصص بمعناها المتخيّل الأدبي فقط، وإنما تعنــي ـ في سياق الحديث عن السرديات من منظور ثقافي ـ ما تستند إليه أية فئة من الفئات، أو جماعة من الجماعات الإنسانية، استنادًا ضمنيًا في بناء مقولاتها وتصوراتها الكبرى، سواء استندت في ذلك إلى محكيّ واقعي أو متخيّل أو أسطوري أو رمزي أو سرد حجاجي أو فولكلور أو تاريخ شفاهي أو مدوّن. فلكل فئة سردية مرجعها الهيكلي الذي تنهض عليه أفكارها وأيديولوجياتها وتصوراتها عن الأنا والآخر