وصف الكتاب:
يحتاج أي مجتمعٍ بين الحين والآخر ، إلى سن قوانينٍ وتشريعاتٍ وأنظمةٍ ؛ لأجل تنظيم المجتمع ، والدولة ، سواءً في علاقاتها مع الدول الأخرى ، أم في علاقتها مع أفراد الشعب ، وبعد سن هذه القوانين ، والتشريعات ، قد تجد الدولة - متمثلة بحكومتها - الحاجة إلى سن قانونٍ جديدٍ ؛ ليواكب تطور المجتمع مثلًا ، أو لإلغاء قانونٍ ، لم يعد يتماشى مع الظروف الجديدة ، ولكونه سُنَ في زمنٍ قديمٍ ، ولم يعد يلبي المتطلبات الملحة ، والضرورية اللازمة لوجوده ، فيعمد المشرع إلى تعديله ربما ، أو قد تقتضي الضرورة إلغاؤه ، ومن ثم سن تشريعٍ جديدٍ يتلائم مع متطلبات العصر وحاجة المجتمع . لكن الأمر يبدو للوهلة الأولى ، مسألةٌ سهلةٌ ويسيرةٌ ، طالما إن زمام الأمور بيد الدولة ؛ لأنها توفر التخصيص المالي والدعم اللوجستي ، والتحضير لندواتٍ ومؤتمراتٍ ، وترشيح موظفين ، وكوادر إدارية ، ولجانٌ تعمل على قدمٍ وساقٍ ؛ لأجل سن قانونٍ ما ، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة وإن كان جميع ماتقدم ذكره من تفاصيلٍ ، بإمكان الدولة القيام به ؛ لإنها صاحبة السلطة والسيادة على إقليمها ، لاسيما إذا علمنا بأن جميع الدول تخوض المراحل ذاتها لسن أي قانونٍ ، أو تشريع ٍ ، على أراضيها ، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى سن قانونٍ ليس بالمستوى المطلوب ، وبذلك لايكون القانون الجديد ملائمًا لحاجة المجتمع ، وغير متوافقٍ مع الهدف الذي سن لأجله ، وهذا مايسمى بعيب الصياغة لنصوص التشريع . إن الصياغة القانونية الرديئة تعد عيبًا يجب على المشرع تلافيه وتجاوزه ، وهنالك طرقًا متعددةً قد يقوم بها المشرع ؛ لأجل القيام بهذه المهمة ، ولكن من الأجدر بالمشرع أن يتقي الوقوع في الصياغة القانونية الرديئة ، والتي ستحْسَبُ عيبًا تشريعيًا يجب عليه تلافيه فيما بعد ، ويكون له ذلك متى ما كان قد إتبع الأسس السليمة لسن القوانين ، والتي سنحاول في هذا البحث بيانها ، وبذلك يضمن المشرع سن أي قانونٍ بصياغةٍ تشريعيةٍ جيدةٍ ، وخاليًا قدر الإمكان من العيوب ، ومحققًا للهدف الذي سن من أجله ، ومتجاوزًا بذلك الوقوع في مأزق إصلاح عيوب الصياغة القانونية الرديئة . يهدف البحث الوصول إلى معرفة ضوابط ، وأساسيات ، وطرق الصياغة القانونية ، وإعطاء مفهومٍ واضحٍ ، بعيدًا عن الغموض ؛ لشرح أهمية الصياغة القانونية ، وبيان مفهومها وأنواعها ، وتحليل ومناقشة الفرضيات القانونيّة ، وبيان شروط الصياغة القانونية الجيدة ، وعيوب ، ومشاكل الصياغة القانونية الرديئة ، ومحاولة بيان النقص التشريعي في منظومة القوانين العراقية ، إبتداءً من هرم القوانين العراقية ، وهو الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 ، مرورًا ببعض القوانين العراقية ، وبعض الأنظمة النافذة ، والتعليمات ، ووصولًا إلى التوجيهات واللوائح التي تعد في نهاية هرم النظام القانوني . تحتاج الدراسة إلى معطياتٍ ، و منهجٍ علميٍ ؛ لضبط بُنْيَتها ، لذلك سيكون منهج الدراسة ، هو المنهج الوصفي التحليلي ، وذلك بوصف وتحليل النصوص القانونيّة ، ومناقشة الأحكام ذات العلاقة في القوانين المقارنة ، مع تقييمٍ قانونيٍ لبعض النصوص القانونية ، ودعم البحث ببعض الأحكام القضائيّة ذات العلاقة ، ومناقشة الآراء الفقهيّة ، والإتجاهات القانونيّة . إن نطاق بحثنا يتحدد في الصياغة القانونية لنصوص التشريع ، كوسيلة قانونية يقوم بها المشرع لسن التشريع ، أيًا كان هذا التشريع الذي يسنه المشرع ، سواءً أكان دستورًا ، أم إتفاقية دولية ، أم معاهدة ، أم قانون ، أم نظام قانوني ، أم تعليمات قانونية ، أم لوائح قانونية ، أم توجيهات قانونية ، والذي يقع في نطاق القانون العام والخاص ، إذ نستبعد من نطاق بحثنا ، الصياغة القانونية للعقود ، وبذلك يقتصر نطاق بحثنا على الصياغة القانونية للنص التشريعي فقط ، وذلك من خلال تحليل النصوص التشريعية للمشرع العراقي ومحاولة نقدها ؛ لأجل الوصول إلى حالة معرفةٍ قانونيةٍ واضحةٍ ومبسطةٍ في الصياغة القانونية للتشريع ؛ لأجل الوصول إلى جودة التشريعات التي يصوغها ، ويسنها المشرع العراقي .