وصف الكتاب:
عُدَّ الأدب الرافديني من المنجزات الحضارية الأصيلة التي حققها العراقي القديم، والتي تعكس أسبقية تلك الحضارة في الكثير من المنجزات، ومنها عمق المنجز الفكري الذي لا يقل شأناً عن عظم منجزاتهم في الجوانب الأخرى، كالجانب الديني والتشريعي والفني؛ إذ يمكن القول: إن ما قدموه في هذا الجانب يعدُّ هو الأبرز والأكثر أثراً بين تلك الجوانب الأخرى، كونه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالكتابة التي عدَّ اختراعها من قبلهم أعظم المنجزات الحضارية التي قدمت للبشرية جمعاء، والتي ظهرت لأول مرة في حدود 3200 ق.م. وبما أن الطبيعة تعدُّ الميدان الأبرز والأساس الذي عرفه الإنسان وتأثر به وأثر فيه، جاءت هذه الدراسة بهدف تسليط الضوء على ما تركوه من مآثر أدبية عكست روح الطبيعة بتفاصيلها وكافة تجلياتها، باستعمال المنهج التحليلي والوصفي في تفسيرها عند الوقوف عليها، أي: تحليل علة وجود الظواهر الطبيعية ومظاهرها أو حدوثها كما هي في الواقع، فضلاً عن تفسير انطباعهم عنها ونظرتهم لها وأسباب ذلك ونتائجه، ومن ثم وصف الظاهرة الطبيعة وصفاً دقيقاً وبيان خصائصها بالوقوف على جوانب المنفعة والضرر فيها وبيان ما تحمله من خير وشر، وانعكاسه على حياة ونتاج الإنسان العراقي القديم سواء في معيشته وأفكاره وعلى منجزه الفكري والحضاري. فلمآثرهم الأدبية يُعزى تناول مواضيع متنوعة كانت تشغل بال الناس آنذاك في محاولة منهم لمعالجتها، وتفسير العلل الأولى المكونة لها، ومن بين تلك المواضيع التي عالجها العراقي القديم في مآثره وآدابه، هي نظرته إلى خلق الكون وخلق الإنسان وباقي المخلوقات من النباتات والحيوانات، فضلاً عن تفسيره لمسألة الخير والشر.