وصف الكتاب:
تمثل المنظمات غير الحكومية واحدة من أهم المؤسسات المدنية في الأنظمة الديمقراطية الحديثة بوصفها قناة مهمة وإحدى آليات المشاركة في الحياة المدنية التي أضحت سمة من سمات العصر الحديث، وذلك نظراً لما تطلع به من دور مهم في تعبئة الطاقات البشرية لخدمة الصالح العام والعمل على ترسيخ الثقافة الديمقراطية من خلال ما تتبناه من أنشطة تعمل على توسيع قاعدة المهتمين بالمصلحة العامة وتحقيق الاندماج والتعاون بين أفراد تجمعهم الرغبة المشتركة في خدمة المجتمع، الأمر الذي دعا أنّ تتبنى الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية لحرية تأسيسها. ولا شك أنّ إخضاع حرية تأسيس المنظمات غير الحكومية والانضمام إليها إلى التنظيم القانوني يدور بين الضبط والتنظيم وبين التقييد إلا أنّ ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال عدم تنظيم هذه الممارسة تشريعياً وذلك كله مشروط بعدم انحراف المشرع عن الغاية التي قصدها الدستور وهي كفالة هذه الحرية. وهكذا فإنّ حرية تأسيس المنظمات غير الحكومية والانضمام إليها تثير الحاجة الماسة إلى وضع معيار عادل ودقيق للتوفيق بين مصلحتين متعارضتين تتصل أولاهما بحق الأفراد في إنشاء تنظيمات مدنية للدفاع عن مصالحهم، في حين تتصل المصلحة الثانية بحق الدولة والمجتمع في الدفاع عن كيانيهما اللذين قد ينالهما العدوان إذ ما تبنّت هذه التنظيمات آراءً أو أفكاراً مخالفة للنظام العام أو اتبعت وسائل تتعارض مع القوانين.